logo


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتديات جنتنا | Janatna.com، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .


  1. منتديات جنتنا | Janatna.com
  2. الأقسام العامة General Sections
  3. القصص والروايات – قصص قصيرة – روايات رومانسية – أدب – خواطر | Stories & Novels
  4. رواية الحرب لأجلك سلام الفصل التاسع



31-05-2021 04:11 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 31-05-2021
رقم العضوية : 5
المشاركات : 540
الجنس :
قوة السمعة : 16

%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AD%25D8%25B1%25D8%25A8%2B%25D9%2584%25D8%25A3%25D8%25AC%25D9%2584%25D9%2583%2B%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585

‏تمرّ عليّ رغم البعد، بين الحين والحينِ ..تمرّ كضحكةٍ تحلو، وأُقسمُ كم تواسيني! كأغنيةٍ تحدّقُ بي، أغنّيها .. وتُلهيني.
لقد أسعدتني زمنًا .. لماذا صرت تُبكيني؟!

قاطعها قائلا بهيامٍ وهو يحملها بين يديه : فجر مفيش مفر .. انا خلاص قررت ..

<a name=\'more\'></a>
ثبتت اقدامها فى الارض وهى تتراجع بظهرها مستنده على الحائط لتُفشل مخططه وتعوق تنفيذ ما بدت شرارته بانظاره وما تلفحه انفاسه .. قائله
- هشام !! أنت قررت ايه !!
فاق من سطو امراة افقدته صوابه وهو ينصب عوده ويحك ذقنه بحيره باحثا عن إجابه للهرب من هذا المأزق .. فقال
- هاتيلى ميه من وراكى الاول !!
تفرغ ثغرها إثر رده الغير متوقع
- إإإيه !!
- ااايه عايز اشرب !!

باستسلام أحضرت له كوب المياه ولازالت اسهم الحيره تملأها .. انتظرت حتى ارتوى ثم عقدت ساعديها بتحدٍ
- هااا شربت !! ممكن اعرف ايه اللى حصل دلوقت حالا ؟! وكمان اى اللى حضرتك قررته فجاة كده ؟!
- عملت ايه يعنى ؟!

هدأ ضجيج قلبها متنهده بارتياح
- أنت مش قولت الجنان اللى حصل ده قدام عايده وبس !! ممكن اعرف ايه تفسير اللى حصل دلوقت .. ولا هو استهبال وخلاص !!
دار بجسده بفظاظه ليهرب من تحقيقيها الذي بالكاد سينهزم امامه
- مش مضطر ابررلك تصرفاتى .. انا حر ..
اقتربت منه متحديه : لما تكون حاجه تخصنى يبقي مش حر ..!

داعب ارنبة انفها بابهامه وسبابته مرتسما ضحكه خبيثه
- حبيت اشكر بطريقه راقيه على الاكل الحلو ده .
- فلنفترض انى صدقك !! كنت ناوى تقرر ايه بقي ؟!
طافت عينيه بحيره لم تستمر طويلا .. ثم التقت اعينهم التى تطوى اسرارا
- ممم قررت .. انا فعلا قررت انى هاكل الكبده دى كلها لوحدى !!

رفعت حاجبها بعدم تصديق وهى تكتم ضحكها : قول سبب مقنع طيب .. عيب على رُتبتك يا حضرة الظابط ..
رد بهدوء يتناغم مع بروده
- انا اقول اسبابى براحتى .. وانت تقتنعى ، ما تقتنعيش ، ده براحتك ..
ثم انحنى نحو اذنها هامسا :
- وبلاش الفرده دى علي هشام السيوفى لانك جوه حضنى بتجيبى ورا .. انت مش بتشوفى نفسك ولا إيه !!

رفعت كفها لتصفعه بِغِل ولكنه افشل مخططها بتكبيل كفوفها بقبضته الحديديه حتى اصدرت آنين التأوه محاوله التملص من قبضته فاردفت بصوت موشكا على البكاء
- على فكرة انت قليل ادب .. آآه سيب ايدى ..
- انت كمان هتضربي !! طيب والله عيب فى حق البدلة اللى أنا لابسها .. اعقلى يا جوجو وبلاش حركات عيال ..

ثبتت انظارها على ملامحه التى تُرهقها كثيرًا ثم قالت وهى شارده بهم
- سيب ايدى ياهشام بتوجعنى ..
سقطت انظاره على كفها المفتوح امامها، لمعت عيونه ببريق الشوق مرة اخرى يتلهف إثارة غضبها الذي ينعشه .. فانحنى بهدوء يطبع قبله خفيفه على كفها الايمن مرة .. وانامل كفها الايسر مرة آخرى .. هدأ تمردها تماما وانتصر غروره عندما تملك زمام غضبها وهو يشحنها بنظرات الحب الملتهمه التى اشعلت بركان خامد فى قلبها ..

احيانا ما نحتاج لفرصة واحده للبوح بخبايا القلب ، ما تحويه قوارير النفس ، رُبما بعدها نحييا عمرا او نسلك طريق الفراق بلا عودة بلا ندم ، رحيل دون التفات ..
لازال محافظا على نبرته المغلفه بالهدوء
- هطلع اغير هدومى تكونى جبتيلى الغدا .. اتفقنا !!
- هو فى ايه هنا ؟!

قطع صوت زياد خلوتهم وهو يتفوه بصوت مفعم بالنوم والالم الذي اوشك أن يفجر رأسه .. استدار هشام
- أنت هنا ؟!
رمقهم زياد بسخريه : جيت فى وقت مش مناسب .. ؟!
هشام ممازحا : بصراحه اااه ..
فتح زياد الثلاجه وتنازل قارورة المياه وهو يبحث عن مسكن للصداع قائلا
- ولا كأنى موجود .. استمتع يا إتش ..

ثم توقف للحظه وهو يلقى نظرة على المقود
- اكل !! الله انا هموت من الجوع .. قول للبت دى تجيبلى آكل ياهشام ..
تبدلت ملامح هشام من العطر الحب لدخان الغضب
- ما تتلم يا زفت انت ، وبعدين الاكل ده مخصوص ليا يعنى فجر مش عامله حساب حد ...
مسكت كفه برفق : خلاص يا هشام ، فى كتير ..

جهر بغضب : بردو يتربي ويعرف انه بيتكلم مع مراة اخوه يعنى يعاملها باحترام ..
رفع زباد عيونه بتثاقل وهو يقاوم تأثير النبيذ على عقله
- ايه ياهشام .. مش حوار يعنى !!
- ولاااه .. انت طافح ايه .. ومالك مش مظبوط كده ؟!
شوح زياد بتجاهل وهو يجر فى نفسه بصعوبه ليغادر المطبخ
- مش طافح ياعم .. بااس انا ماشي وانت شوفلك حد غيري اتفش فيه ..

وقف فجر امامه معاتبه
- مكنش يصح تعلى صوتك عليه قدامى !
- ومكنش صح يتكلم عليكِ بالأسلوب ده !!
القى ثغره اللفظ بتلقائيه بدون وعى .. فاتسعت عينيها من هول ما تلفظ به وسرعان ما ارتسمت ابتسامه خفيفه كانت سببا فى انقشاع غمامه غضبه بمجرد شروق شمس ضحكتها فى سمائه .. قائلا
- ما انتِ بتضحكى زينا اهو !!

- ياسلام !! اى زينا دى !! عموما يلا روح صالح زياد وانا هجهزلكم اكل تاكلوا سوا ..
القى عليها نظرات فاحصه باستغراب : مع انه ما يستاهلش .. بس تمام خليك إنتِ الجدعه ..
- انا جدعه انى مستحمله واحد زيك اصلا ..
تقبل سخريتها بصدر رحب مبتسما : طيب ياستى مش عارفين نودى جمايلك دى فين .. التضحية باينه بصراحه ..

ثم ارتفعت صوت شهقتها فجاة وهى تركض نحو الموقد
- يالهووووى .. المكرونه اتعجنت .. اعمل فيك اى بس !!
- أنتوا كده تبوظوا الدنيا وتجيبوا العيب فينا !! بطلوا الحجج اللى بتداروا وراها فشلكم يا مدام ..
نيران غضبها لا تحتاج لحطب ليشعل الاغتياظ بقلبها .. يكفى منه كلمة جليديه واحده .. معه كُسرت كل للقواعد وتحولت فى حضرته لامراه تشتعل من ثلج رجل ..
- اوووووووووف ... هيشلنى .. والله حاساه ملبوس عليه عفريت حالف يجننى !!

- معقولة كوين عايده جايه لحد هنا بنفسها ؟!
اردفت بسمة جُملتها بنبرة ساخرة وهى تَهم بنزع ملابسها .. اقتربت منها عايده بخطوات ثابته
- بسمة !! انت اى اللى شقلب حالك اوى كده ، وازاى اصلا تسيبى البيت !!
اسبلت بسمه عيونها : بجد اتغيرت !! هو التغير باين اوى يعنى ؟!
- بت أنت اتكلمى عدل !! فهمينى ايه اللى حصل ؟!

بسمه بنبرة هادئة تخفى خلفها ضجيج اوجاعها
- اللى حصل إنى فوقت .. وشوفت حاجات كتير كنت عامله نفسي مش شيفاها ..
قطعتها عايده سريعا : الموضوع يخُص زياد !!
اندلعت من جوفها ضحكة ساخرة :
- لا زياد ده بقى آخر حاجه ممكن تشغلنى .. اتغديتى ياخالتو !!
اغمضت عايده عيونها للحظه محاوله تمالك اعصابها
- بسمه .. قدامك 5 دقايق وتكونى مجهزة حاجتك عشان ترجعى معايا ..

ردت بسمة بنفس الهدوء وهو تشير بيدها
- للاسف مش هينفع انا فاضلى 5 دقايق بالظبط واكون فى سابع نومه .. اااه وابقي سلميلى على زياد ..
برودها شل حركة اقدام عايده للحظات وهى تترقبها بعيون مندهشة الى أن يأست من محاولاتها فتناولت حقيبتها وهى تتمتم بنفاذ صبر
- شويه عيال كل واحد ماشي بمزاجه .. انتو حرين بقي اشربوا ...

وقفت بسمة نادمه للحظه وهى تقول لنفسها
- ( أنا مكنتش قاصده اعاملها وحش ، ولا معرفش ليه كلمتها ببرود كده ، بس أنا شايفه انها السبب فى كل حاجه وصلتلها انا وزياد ، هى اللى دلعته وفهمته إن الف بنت بتموت عليه ، يمكن لو كانت ربت زياد صح مكناش وصلنا لحالتنا دى .. )
لا يوجد وجع قائمًا على عمود واحد ، الاوجاع كالمنازل لابد من قاعدة خاطئه واعمدة صلبه تحمل سقف مصيبة ما لينهار فوق رأس شخصٍ واحد هو من يستفرد بالالم لوحده ..

- رهف إنت كويسة ؟!
اعتدلت رهف من نومتها إثر دخول فجر المفاجئ .. وبنبرة عتب
- انت لسه فاكره رهف ، دانا راقده فى السرير بسببكم .. اشوف فيكم يوووم .. كان مالى انا ياربي بجو اميتاب باتشان بتاعكم ده ..!!
ضحكت فجر بصوت عال وهى تجلس بجوارها
- والله وحشتنى خفة دمك .. بس اى الجبس ده مقربش يتفك !!
رهف بتوعد
- ادعيلى عشان اقف على رجلى بس هوريكم كلكم .. إننى عائده لانتقم .. فاحذروا !!

داعبت فجر خصيلات شعرها بعبث لترجعه للخلف
- بس انت اقفى بس وحقك تعملى فينا اللى يعجبك ..
ضاقت عيون رهف بخبث : ايه دا انت مش خايفة منى ؟!
اتسعت ابتسامة فجر بمزاح : يعنى نص نص ... صحيح كنت سمعاكى بتتكلمى مع حد .. كنتِ بتكلمى مين يا سوسه !!
- اااه كنت بتكلم مع ديداا .

انعقد ما بين حاجبى فجر : مين ديدا ..
- ااااه ، انت متعرفيش ، دى ميادة مراة هشام .. اسكتى اسكتى يا جوجو مبسوطة اوى لانها قالتلى راجعه قريب ، ياااااه واخيرا فرحها هى وهشام هيتم ، متتصوريش أنا بحلم باليوم ده من أمتى ....!!
هزها حديث رهف الغير متوقع ، ونصب سيفه فى منتصف قلبها ، وامتلأت قنواتها الدمعية بدموعٍ لا تعلم من أين اتت ، تأملتها رهف بنظراتها الخبيثه متجاهله حزن فجر الذي حُفر على وجهها.

- هى بتحبه اوى ، وهو كمان النمس بيحبها بس عامل فيها عم التقيل ، بس على مين !! ده اول ما يشوفها هياخدها بالحضن ..
آهات مُلتاعة صاحبة نبرة المرتعشه فاطرقت بصوت كسيح:
- هشام !!!
لم يخل ثغر رهف من السعاده : يابنتى بقولك مراته وخطوبه تلات سنين ... دول دايبين فى بعض !!
ثم بللت رهف حلقها لحظه وواصلت حديثها
- صحيح أنت واتش هتطلقوا أمتى ، ياريت يا جوجو فى أسرع وقت قبل ما تيجى مياده وتسبب مشكله !! مش هو هشام خلاص حل موضوع القضيه دى والدنيا بقيت فل !!

لازالت فجر تستمع لاسهم كلماتها التى تعمدت رهف ان تصوبهم فى منتصف صدرها فأصبحت تنسحب تدريجيا فى غيبوبة حُزنها .. لم تكف رهف عن ثرثرتها فقال لا مباليه
- جوجو انا شامه ريحة أكل حلوة اوى ؟ انت عاملة اكل تحت ،، انا هموووووت من الجوع .. ممكن تجيبيلى اكل !
شعرت فجر برأسها سينفجر وتتناثر شظاياه فى المكان ، فلم تتحمل مبالغة رهف فالكلام .. فانسحبت بهدوء محاولة اخفاء دموعها التى اوشكت على الانهيار..

لم تكن رهف بالغباء الكامل الذي يمكنها من عدم ملاحظه تبدل ملامح فجر ولكن لذة انتصار ملأت قلبها وهى تقول لنفسها
- اسفه يا جوجو بس لازم ابعدك عن سكة هشام .. هى صاحبة جدعه لكن مش من مستوانا انها تكون مراة اخويا .. اووف يارب متزعلش منى ..
ثم عادت لتواصل حديثها فالهاتف
- ايوه يافارس ، معلش اصل الشغاله بتاعتنا دخلت فجاة ..

هناك فارق بين المرآه العاقله و المجنونه .. الاولى تشبه الملائكه لديها جناحين تُضلل بهم على أحبابها .. اما المجنونه كالشيطان لديها قرنين كل ما تملكه أن تأذي الجميع حولها بدون وعى ...

- خالد .. بلاش تثق فى الحرباية مراة عمك دى ، أنا مش مطمنالها ..
اردفت قمر جملتها على آذان خالد من الخلف ، فاستدار نحوها ببرود
- ايه ممكن تموتنى !! مفتكرش .. !
اقتربت منه قمر بحذر : انت مش واخد بالك من حنيتها الزياده دى من أمتى ، والشوربه اللى بتعشيك وتفطرك بيها ..

- بس الشوربه طعمها حلو الحقيقة
- ياااااااااا خالد افهمنى بس ، الست دى انا مش مرتحالها والله !!
دار خالد نحوها بعدم تصديق
- مفيش سبب يخليها تموتنى !
-يعنى فى سبب للحنية اللى دلدقت فجاة دى !!
مط شفته بحيره : يمكن عاوزه مصلحة ولا حاجه فبتقدم السبت !!
- او حطالك حبوب ادمان مثلا !!

انفجر خالد ضاحكا : العلام كل راسك ولا ايه ياقمر ، استهدى بالله كده وخلى عينك عليها..
تشبثت بكفه متوسلة
- خالد ، وغلاوة أمك ما تشربي ولا تاكل حاجه من يدها تانى ، دى ست مش مظبوطة !!
هجمت هنية على مجلسهم قائله بسخرية
- خبر إيه يابت !! ما تستحى على عينك وتقومى تشوفى شُغلك بدل ما انت واقفه تتسايري اكده !!
الجمها خالد بنبرة حادة : مالكيش دعوة بيها !!

بنظرة خبيثه طوقته هنية ثم قالت : دانت تأمر ياعم الناس كلهم...
‏ولسوف يمضي بك الزمن وتُعلمك الأيام أن جبهة الحياة مليئة بما لا تتوقع .. فكن مستعدا لمفاجئاتها المُباغتة .. لخناجر البشر التى لا تستئذان قبل ما تُصيب قلبك، توقع دائما سوء النية حتى يثبت العكس .. وليس العكس!!

‏"ما أثقل أن يمضي الإنسان حاملاً في صدره: - (طب ليه؟ )"
خرجت من غرفة رهف بعد ما صُعقت من حديثها النارى .. فلئن طاردت شبح حبه الرافضة له دوما .. استحكمت حلقات الشوق على عرش قلبها .. استندت على الحائط بجوارها عندما اوشكت على الانهيار كأن ثقل الصدمه رست فى اقدامها ..

ظلت تتراقص بجفونها بعناء اوشك أن يفقدها الرؤيه ، بللت حلقها الذي جف إثر انفاسها الحارقه ، ‏لم تكن صامتة كانت آهاتها تتسابق لتصدر فى صورة لحن آنين خافت ،كانت مشغولة بالمعارك التي تدور بداخلها،تبحث عن إجابات للأسئلة التي تتصارع في قلبها ورأسها .. ‏ متذكرة مداعباته وملامحه التى كلما اطالت النظر بهم سكنها أكثر .. أجمل مكان تتنزت فيه نظراتها بين ثنايا وجهه .. بقربه تنتشي الروح .. ولكنها اتخذت قرارها فى ثبات تام( لم أُحبك بعد) وبعدها انهارت بمعنى الكلمه فى شلالات دموعها المتدفقة ..

لم تشعر بمقدار الوقت الذي مر على جلوسها ارضا، بعدها جففت دموعها سريعا وهى تنهض نافضة غباره من فوق رأسه وتقول
- فوقى يا فجر !! الموضوع من اوله لاخره لعبة ومسيرها تنتهى .. فوقى ، وبلاش اوهام ..

دلفت درجات السُلم بثبات تام متجهه نحو الجنينه لتستنشق هواءا نظيفا ينظف دواخلها .. ظلت تسير بلا وعى ، كالهائم على وجهه حتى توقف امام ( حمام السباحة ) فاصابتها هزة زعر ظلت تتراجع بظهرها للخلف حتى ارتطمت بصدره الصخرى فسقط قلبها بين كفوفها .. قائله بفزعٍ
- هششام !! أنت هنا ..

ابتسم عندما رأى الخوف محتلا لمعالمها
- مالك !! خايفه ليه ؟! ما بعضش على فكرة !!
ابتعدت عنه وهى تخفى انظارها الهائمه به عنه
- لا ابدا !! حصل خير ؟!
اقترب خطوة منها فى ثبات تام
- أنت معيطه ولا عينك وجعاكى ؟!
لم تتجرأ لترفع انظارها اليه ، فَضلت تحاشي مرمر انظاره
- لا ابدا بس مش بحب اي مكان فيه ميه !!

صمت لبرهه وكأنه يحسم أمر خطته التى قفزت فى رأسه فجاة ، نزل سترته العلويه بهدوءٍ ثم انقض عليها مباغتة ليحملها بين يديه وهو يقفز بها فى المياه على صوت صراخها وضحكاته العاليه التى امتزجا وهى تتنفض فى حضنه كطير ذبيح يلتقط اخر انفاسه
- يا هشام هموت منك والله !! خرجنى ؟!

ظل يضحك على عبثها وملامحها الطفوليه التى ظهرت امامه كالشمس .
- طيب اهدى .. اهدى كده واسترخى وسيبى جسمك للميه ..
ضربت المياه بقدميها وهى تعانقه خائفة صارخه فى أذنه
- ياهشام طلعنى !
طوق خصرها قائلا بوله
- او ممكن تفضلى في حضنى كده ، وسيبي جسمك للميه ..
اغمضت عيونها صارخه
- يخربيتك سنينك بقولك طلعنى ..
- يخربيتكككك انت ودانى !!

- طيب والنبى خرجنى .. حاسه هيغمى عليا ...
هز رأسه نفيا وهو يتحرك فى المياه ببطء
- لازم تجمدى قلبك .. يلاااا ..
امتزجت مياه عينيها مع مياه المحيطه بهم .. فابعدها عن حضنه قليلا ونزل كفوف محاصرا خصرها
- يلا حركى ايديكى .. مش هيحصل حاجه ..

ارتعشت احبالها الصوتيه وشفتيها وكل إنش بجسدها يتنفض ، اتخذت انفاسها بصعوبه وهى تهم بتنفيذ ما امرها به تحت كلمات تشجيعه
- برافو عليك ماانت بتعرفى تعومى أهو !!! يلا حركى ايدك اسرع وافردى ضهرك ..
- وهتطلعنى !!
بمزاح : وعد هطلعك ..

استقوت على مخاوفها ونفذت تعليماته ولازال يشعر بانتشاء رهيب وهو يعلمها .. وجد ملاذها بضعفها وخوفها فقرر هزيمته لانه احبها قويه ، ولا يريدها الا قويه حتى معه ..

اخذت انفاسا متتاليه وشرعت فى تنفيذ أوامره حتى فاجئها بغتة عندما تركها وابعتد عنها فهبت صارخه بصوت هز جدران البيت فوصل لاذان عايده التى عادت للتو ... التهم صرختها بقُبلة طويله جعلتها تناست كل ما قالته رهف ، وكل مخاوفها ، قبلة تذوقت فيها لذة الامان بعد صراع مع الخوف .. عانقته بلهفه وتلك المرة هى من أبت الابتعاد ، هى التى اعلنت التملك حتى ولو مؤقت ، هى التى علمها الحب الانانيه ، فوجئ هشام من رد فعلها معه الغير متوقع فابتعد عنها واخذها في حضنه وظل يربت على شعرها بحنان بالغ حتى استكانت بين ذراعيه .. فهمس
- يلا نطلع...

تقف عايده خلف الشرفة تُراقبهم وتعض على اصابع يديها من شدة الغيظ ، تخللت اصايعها خصيلات شعرها
- الحرباية دى متقعدش ليلة كمان فى بيتى !! قلة الادب والفوضي دى ! ده البيه مش فارق معاه حد ، طيب ياهشام انت اللى جبته لنفسك !!
رفعها هشام من خصرها ليجلسها على طرف الحوض ثم تابعها بخفه رياضيه وجلسه بجوارها فاتكئ على ذراعه الذي نصبه على الارض خلفها فظهرت عضلاته القويه
- حلوة الميه !! مش كده !!

تطلعت فيه ببطء وهى تتذكر عذاب قلبها الذي يؤلمها للحد الذي جعلها تظن انها للتو بدأت بحبه ..
- أنت عملت ليه كده !!
داعب كتفها بكتفه برققٍ
- ما بحبش اشوفك خايفه من حاجه ! حبيت اقوى قلبك شويه ، واتوقعى ان كل يوم من ده ..
نظرت له بشك ثم استدارت برأسها لتنظر مستقيما : وبسس ..
ميل على اذنها هامسا : بصى فوق كده هتلاقي عايده كانت بتراقبنا !! فأنا قولت استغل الموقف بقي !!
- ااااه عايده !

تجاهله وحججه القاتلة تؤكد كلام رهف الذي لازال يجلد فى روحها ، ثم قالت
- انت بتكلم مياده !!
لم يتوقع سؤالها لذلك اخذ لحظات يستوعبه ثم قال
- وانت مالك بمياده !!
- يعنى بتتكلموا ؟!
تحمحم بخفوت : لو قولت لا .. او قولت آه ، هيهمك ؟!
ارتدت ثوب الكبرياء فقالت : لا طبعا .. انا هقوم عشان بردت ..

لم تعط له اى فرصة لايقافها .. بل رمت شرارة سؤالها فى حقول بترول رأسه وغادرت سريعا .. تحرك هشام ليأخذ هاتفه الذي تركه بجوار سترته وعاود الاتصال بمجدى قائلا
- مجدى .. عاوز استفسر عن حاجه !
اطفئ مجدى سيجارته : خير يا هشام وصلت لحاجه؟!
- لالا سؤال غير كده ؟!
- خير ياابن عمى ؟!
- هو أنا اعرف ازاى إنى بحب ؟!

سكت مجدى من هول السؤال ، فعاود النظر مرة آخرى لشاشة الهاتف قائلا : مين بيتكلم ..
- هشااااام ياعم انت انجز ؟!
- ممم الله ! وانت كل ده ومعرفتش ، دانا لقطها من اول خناقة !!
- هى إيه دى ؟!
- لا موضوع كده هابقي اقولك عليه .. المهم عاوز تعرف ايه !!
جز هشام على فكيه بنفاذ صبر : ماتنجز يا عم انت .. !!

- شوف ياهشام لما يجيلك هتعرفه لوحدك .. بس وقتها متكابرش وتعمل نفسك قال مش شايفه ... احممم طير انت بقي عشان عندى مقابله مع زيدان ..
قفل مجدى الهاتف بعدما القى جمر حيرته فى قلب هشام الذي فاض عقله من كثرة التفكير فباتت رؤيتها كريان يضخ القلب بدماء الحياه فيحيا به ..
اسرع خُطاه ليلحق بها فلم يوقفها ندائه بل سرع من حركتها فركض ليقف امامها معارضا
- أنا لما بنادى مابتسمعيش الكلام ليه ؟!

مسحت عبرتها المترقرقه : لو قولت السبب هيهمك اوى يعنى ؟!
- اكيييد .. ؟!
- كل الحكاية انى تعبت يا هشام بيه وانا مش قادرة استحمل المهزلة دى ، يومين وتقول لى طريقك اخضر أصل مراتى حبيبتى رجعت ..
قبض على ذراعها ليوقف خطاها مصدوما
- خدى هنا إيه الهبل ده ؟! ومين فهمك كده !!

- للاسف هى ما تتفهمش غير كده يا سيادة الرائد ، ولو سمحت ممكن متقربليش تانى ؟! كفايه اوى لحد كده ..
ارتفعت نبرة صوت هشام مندهشا
- انت بتزرعى اوهام فى مخك وتصدقيها !! والمفروض إنى اصدقها معاك .. فجررر ب
بغتة وقفت على اظراف قدمها لتكتم انفاسه بقبله مفاجئة اصابته فى مقتل ، وطاحت بعقل لابعد مكان فلم تعطيه فرصة ليبعد للحظه اريت كيف يلتقى طرفين عند نقطه واحده.. وكفوفها المرتعشه تحضن وجنتيه .. ففاق من حيرته و الرد الذي ادهشه على صوت طرقات حذاء عايده هاتفه
- ده ما بقاش بيت ! ده بقي كباريه ؟!

ابتعدت فجر عنه وهى ترمقه بنظرة شك فاخذها هشام فى حضنه قائلا
- معلش يا دودو .. احنا متقلين عليك عرسان جداد بقي .. متقلقيش شهرين وهنريحك مننا خالص ..
ثم سحبها من كفها ليهرب من شرارة نيران امه
- جوجو .. خدى عاوزك فوق !!

اطرقت فجر انظارها لاسفل معاتبه نفسها عن تهورها باحثه عن سبب مقنع لفعلها العشوائى الذي راق لها وكأن الحيره اترسمت على جدار القلب تلك المرة.. هل فعلت هذا لوجود عايده أم انها باتت تختلق الحجج مثله لتفصح عما تُخفيه فالعناق افضل وسيله للبوح عما لا يقال .... !!

لم يكف سامر عن اتصاله المُتكرر ببسمة ولكن كل مرة تعلن رايات التجاهل .. تتشبث بكوب النسكافيه بين يديها وهى تستمع لام كلثوم التى اصبحت صوت وجعها الناطق وهى تقول
- فاااات المعاد .. ويفيد بأيه الندم !! ياااااندم ..
اخذت نفسا طويلا : هو فعلا فات المعاد يا زياد !!

امضت يومها على جمرات الحيره والتوعد وصوت صدح الانتقام يقرع طبوله بداخلها ..
- هنشوووووف .. !!
عندما يبدو الحب مستحيلا اصبح النسيان واجب ، فلا تفنى عمرك على مضض حب لا يعود ، الكرة الارضيه لم تخل من الرجال بعد !! فأى خسارة هينة إلا خسارة نفسك ...

- ايوة يا مدحت .. بص النهارده انسب معاد .. لو صبرنا لمعاد المهمه مش هتنجح !!
اردف هشام جملته وهو يخرج الملابس من الخزانه تحت انظار فجر التى تستمع له باهتمام .. فواصل هشام
- سلطان فزاع لازم يقع الليله !! اسمعنى كده ونفذ كل كلمه هقولك عليها بالحرف ..

ظلت تارقبه بعيونها المرتجفه دوما ما تبحث فى فضائها عنه وحده من يملاها وحده من يسد فراغ قلبى وحده دواء لفجوة الغياب التى تشق قلبها لنصفين .. وحده المكان البعيد الهادى عن اى صخب يعكرها ...
انهى هشام رسم خطته وهو يتابعها بانظارها الحارقه التى تربكبها كثيرا ، فوثب قائما
- كنت مركزه معايا يعنى !!

اعتدلت فى جلستها لقفت على ركبتيها فوق الفراش
- انت مسافر!!
رفع كلا حاجبه للحظه ثم قال
- هريحك منى يا ستى كام يوم ..
بللت حلقها بقلقٍ : رايح مهمه ؟!
ابتسم بمكر : مش بقولك كنت مركزه معايا ... راجل بدوى مغلبنا وراه
اغرورقت مُقلتيها بالبكاء : طيب وانا هقعد لوحدى!!
جلس بجوارها وسحبها من كفها لتجلس بقربه وهو يقول
- ما يتخافش عليك انا عارف ، سايب اسد ورايا ..

عصف القرار بكيانها تلك المره فهى لا تتصور حياتها بدون ان تتطالع ملامحه وتتلذذ بقربهم .. الم حارق يتوهج دخانه من قلبها جعلها تفزع من مكانها وتلقى بوجعها بين يديه لتعانقه سابحه فى بحور دموعها فوق كتفه كطفله صغير ترفض رحيل أباها فدوما ما يدفء القلب بالقرب ..
تلك تانى مفاجأه فى نفس اليوم اطاحت بعقلة وقلبه فى إن واحد ، اندست بجسدها النحيل فى حضنه فسد فراغات كأنه خُلق منه وإليه عاد .. كانت كاعصار احتل جسده وبعثر افكاره ضمها إليه اكثر وهو يقول
- فى إيه ..!!

خرج صوتها ممزوجا بالبكاء : مش عاوزاك تمشي !!
حتى اخنتقت كلماتها بعبراتها المنهمره فاغمض عيونه للحظات طويله ولازال يربت على كتفها بحنان هامسا
- تعرفى إنها المرة الاولى اللى اكون طالع فيها مهمة واتمنى ارجع منها سليم !!
انكمشت ملابسه من الخلف إثر تشبثها به شاهقة فى حضنه تردف بصوت متهدج بالبكاء
- ما انت لازم ترجع عشان أنا هكون مستنياك ..

إمراة غمرت جوفه حب كساه من رأسه للكاحل ، فالعمر كله غير كافي ليقول لها كم احبك .. هدأت تدريجيا حتى استندت على صدره ملتحفه بذراعيه ففى حبه يشبه العودة الى الطفوله .. سكنت مكانها طويلا اشتعل هو بشهوة إطالة النظر بها .. طبع قُبلة خفيفة على جبينها بعدما حسم قراره اخيرا ..
- لو ليا عمر ورجعت من المهمة دى .. لازم نحكى فى موضوع مهم جدا ..

رفعت انظارها بتساؤل : موضوع إيه ؟!
- لما ارجع بقي ما تبقيش فضوليه !!
- لا بجد أنا عاوزه اعرفه ..
- معنديش مانع اقوله دلوقتى
قال بنبرة تحمل دعوة صريحه بالحب فشقت ابتسامته ثغره فقام مبتعدا عنها ليقفل الباب مما اثار فضولها
- انت بتقفل الباب ليه ؟!

قفل الباب ثم عاد إليها : مش عاوزه تعرفى الموضوع ؟! وبصراحه الموضوع مش هيتم غير بقفل الباب !! قفل الباب اساسا مقدمة الموضوع ..
ارتعشت انظارها بقلق وبصوت خافت : هِشام ..!!
- تصدقى !! أن أحلى ( هشام ) سمعتها فى حياتى كانت منك !! أنت بتكسري الهاء اوى كده ليه ..
ثم قعد بجوارها يداعب وجنتها : كل حاجه منك مختلفه ..
تشبثت بكفه بلطف ثم قالت
- هتطول فى المهمه دى !

زم ما بين حاجبيه: مش عارف لو خلصت ممكن اجى الصبح فشلت هضطر اخلصها واجى ..
ثم سحبها برفق : يلا حضريلى هدومى عشان ألحق اروح العريش...
‏الحبّ يحرق المباديء.. يحولها لرمادٍ.. فالحب الذي تنتصر عليه المبادئ والاعراف ليس حُبا.. حين تتجاوز كل خطوطك الحمراء بدون ما تلتف.. حين يَهزم القلب العقل.. حين يحطم المسافات فكرة الاتصال.. ويهدم جدار الشوق فكرة كتابة رسالة.. الحبّ الحقيقي لا يهتم بقواعد ولا تعوقه قوانين.. هى نيران تشتعل وتأكل كل ما يقابلها لتصل لبحور انطفائها.

- هشام والنبى ألبس الواقى بتاعك!!
انتهى هشام من ارتداء جواربه ثم رفع رأسه متستغربا على أمرها.. فقال
- أنت مالك من الصبح شغالة لوكلك وتعليمات ولا كأنك مسكتى القسم عندنا.. مرة بلاش تكون أنت اللى فى الاول وبعدين البس واقى!! وخلى بالك من الطريق الناس دى اسمع انهم بيعملو فخ للظباط.. فى إيه أنت مش واثقة فى قدراتى ولا إيه..!!

لازالت واقفه فى مكانها فهبت معارضة
- ممكن تسمع الكلام انت وساكت!!
نصب طوله وشرع فى إدخال قميصه فى البنطال الجينز الاسود وهو يعقد الحزام قائلا
- ودرع اى اللى ألبسه!! دانا معملتهاش من يوم ما اتخرجت!!
اقتربت خطوة باقدامها الحافية وجمر القلق اشتعل فوق ملامحها
- عشان يوم ما اتخرجت مكنتش فى حياتك، لكن دلوقتى أنا موجوده ومستنياك ترجع.. هو ده مش سبب كافى إنك تخلى بالك من نفسك!!

اتسعت ابتسامته شيئا فشيئا واُصيب بشهوة إطالة النظر بها مما أثار جيوش ارتباكها وحركة عيونها العشوائيه فأطرقت بخجل
- أنت بتبص لى كده ليه!
اصعب ما يواجه شخص محب ان يُسأل عن افعاله التى ليس لديه سببا لفعلها او انه يعلم ولكنه يأبى الاعتراف عن شيء لم يتجرأ ويقترب من حصونه من قبل.. ثم اردف بهدوء
- لابد!! افتحى الدولاب وراكى، وهاتى الدرع.

اتسعت ابتسامتها وعلى الفور استدارت لتحضره بطاعة ولكن لازال هناك سرا دفينا يندس بجوفها لذلك تعمدت ان تتحاشي النظر إليه دائما حتى لا تقتنصه عيونه الصقريه..

جلست بعيدا تترقبه وشرع هو فى إعاده ارتداء ملابسه، وصوت قلبه يهمس لعقله عن شعوره.
- لأول مرة أكون رايح مهمة وحاسس إنى مُجبر، عمرى ما كنت بحب قعدة البيت، لكن من ساعة ما شق فجرها يومى وانا بقيت بعشق نسيم وجودها، مكنتش اتخيل أنى في يوم هقابل واحده تشكل تفاصيلى بصمتها وتشدنى ليها بعصيانها.. عمرى ما فضلت راحتى على الشغل، بس مستعد انى اوقف حياتى كلها عشان ساعة واحده جمبها حتى ولو بنتخانق، هى سكنت تفكيري من غير أي مجهود منها في حين إنى كنت مفكر أن جيش من النساء لو اتفق على قلبى مش هيقدروا يخلوه يدق دقة واحده من اللى حسيتهم معاها..

ثم اتسعت ابتسامته عندما تذكر جُملة اخبرته بها عرافه بدوية اتخذها على سبيل السخريه فقالت
- ( هناك فخ منصوب بعيون إمراه اختبىء قرص الشمس بين جفونها، نفسك ستحبها وكبريائك سيطويها.. ان يتصارع قلبك مع عقلك لاجلها حتى تصبح صريع هواها ووتتجاهل جيش الهيام الذي يُغزيها.. تجوب طرقك باحثا عنها ولكن ما يعقب النيران الا رماد..بالحق والحب الدنيا اتخلقت.. فانتبه يا ولدى ).
ثم استدار نحوها بهيئته الانيقه مرددا بهمس شفتيه.

- هناك فخ منصوب بعيون أمراه!!
نهشت انياب الفضول رأسها وهى تترقبه بصمت حتى قررت قطع حبال صمتها
- هشام.. أنت بتكلم نفسك؟!
ضاقت عيونه قليلا : هو أنا مفضوح أوى كده!!
نهضت بهدوء وهى ترمقه بنظرات مرتعشه
- ااه.. فى حاجه مضايقك!!
هز رأسه نافيا : بالعكس، أنة عمرى ما كنت مبسوط أد النهار ده..

امتدت اناملها لتقفل له زرارا من قميصه الذي تعمد فتح اوله، فقالت
- ما تفرحنى معاك..!!
- لما ارجع هنفرح كلنا.. وده وعد منى أنا شخصيا..
فرت دمعه من عيونها وبنبره مفعمة بالبكاء
- ما بلاش.. بلاش تروح المهمه دى.. والنبى ياهشام قلبى مش مطمن..
- فجر.. أنت مالك قلبتى فيها أمى كده، دى عايده عمرها ماعملت كده!!

ضربته بقبضه يدها باغتياظ : ده جزاتى إنى بقولك باللى حساه!
دث رأسها فى صدره وطبع قُبله خفيفه فوق جبهتها ثم ربتت على شعرها بحنانٍ
- متقلقيش هرجع عشان واريحك من زيدان واللى زيه، عشان لما اطلقك وكده مكنش خايف عليك من أى خطر تانى!!

العاقل هو الذي يُشعل النار ليدفء بها.. والاحمق هو من يشعلها لتحرقه... ابتعدت عنه كالملدوغ إثر كلمات رهف التى تذكرتها فعاد هو ليؤكدها.. زاحت دمعه من عينها فرت منها على سهوة وهى تبلل حلقها الذي جف قائله
- تمام..

تفحص معالم وجهها ليجد رد على رصاصته التى القاها من فمه فاستقرت بقلبها.. فلم يجد إلا امراة قويه لا تُهزها العواصف ولا تفضحها المشاعر.. ترك نيرانه فى قلبها كأنه ابى أن يشتعل بنارها لوحده.. فلابد ان تشاركه ولههُ
- احم.. همشى انا بقي.. خلى بالك على نفسك..
تناول اسلحته، وحقيبته الصغيره وضعها وراء كتفه ثم خطى خطوة وتوقف بعدها قائلا
- مش هتوصلينى ولا إيه!!

اومات باستسلام وهى تصراع حزنها الذي فجرها.. فسارت بخطوات سُلحفيه حتى وصلت إليه فتلحفها بذراعه وخرجا سويا من الغرفة...
وصلا الاثنين الى الطابق السُفلى ولازال كل منهما كتسلحا بالصمت.. حتى ثارت ثرثرة رهف التى تشاهد التلفاز قائله
- هشاام.. انت ماشي!!
ترك فجر ودنا من اخته قبل رأسها ثم قال
- ااه وعاوز ارجع القاكى فكيتى الجبس ده ياهانم!!
- دانت شكلك مطول يا اتش ولا ايه!

- على حسب التساهيل.. المهم بقي
رفع انظاره اللامعه نحو فجر فواصل قائلا
- عاوزك تخلى بالك منها... مش عاوز اسمع أن فى حد زعلها.. فاهمه يارهف وإلا هنشوفى منى وش تانى..
علقت حباية الفشار بحلقها ثم قالت باستغراب
- ايه يابيه فى ايه!! حد قالك اننا هنعذبها، وبعدين ماتخافش رجالة مجدى بره هيحمونا من اى غزو خارجى.. وانا هنا هحميها من اى غزو داخلى.. بص هبهرك بالنتيجه يابنى أنت اصلا مع الشخص الصح.

كان هشام يقف على الاريكه التى تجلس عليها فضربها على كتفها برفق
- انا كده خوفت اكتر!! انت عارفة تحمى نفسك.. اتنيلى..
- لا بس عندك بُعد نظر يا إتش
ضحكت بصوت عال ازهر المكان فكان له تاثير على شفاة فجر ان تبتسم فأتت عايده لتحول ضحكهم لصمت..
- فى ايه هنا.. وبعدين انت مسافر يا هشام؟

نصب هشام عوده متنهدا بارتياح.. مردفا بثبات
- عندى مهمه ومش عارف ممكن ارجع أمتى..
نزلت عايده من فوق آخر درجه على السلم وهى ترمق فجر بتوعد
- ااااه، مهمه.. طيب ياهشام ربنا معاك..
انحنى ليحمل حقيبته مرة ثانية متاهبًا للرحيل
- طيب... دعواتكم بقي..

انخرطت دمعه من قنواتها الدمعية وهى ثابته فى مكانها وكل ما بها يرتعش، بات شوقها نيران تحرق للحد الذي لا تستطيع كتمانه.. لم تشعر بنفسها إلا عندما مسك كفها وسحبها خلفه صوب الباب، فتوقفت للحظه ورفعت انظارها التى هلكت من كسرة البكاء.. فرمقها باستغراب
- فجر.. الموضوع مش مستاهل!!

لم تكبح مشاعرها.. فهبت زعابيب شوقها لتعصف بجسدها المرتعشه بين ذراعيه.. معلقه بعنقه.. باتت انتفاضة قلبها بقلبه، وانتقل خوفها لنفسه.. ضمها إليه بحب ليردف مواسيا
- يابت أنت فى إيه؟! أنت اتجننتى..
صمتت للحظات وكأنها قررت تمتلأ منه دفعة واحده، ولكن ما حدث أن كل قواها خرت بين يديه فهمست ببكاء وحنين انتصر على تمردها
- أنا مش عاوزه حد غيرك يحمينى من الدنيا كلها مش من زيدان وبس.. هشام..

نادت عليه هامسه ثم انقطع صوتها فى حضنه لبرهه.. ختى واصلت
- هشام ارجعلى.. أنا.. أنا بحبك...
لا يعرف الإنسان قدر الحب إلا عند وداعه.. أحيانا يكون الرحيل هو الطريقه الوحيدة التى ينتصر فيها لسان الحب ليبوح القلب بخباياه.. حتى يجعلك تتمنى لو أنك أعلنت الرحيل فى وقت الممكن حينها لم ترحل أبدا..

بمجرد ما دبت خنجر كلمتها فى صدره وفاق من غيبوبته كانت مبتعدة عنه واختفلت كالبرق سرعان ما ات وسرعان ما ذاب فى حضن السما.. فاق على صوت قفل باب غرفته.. تقهقرت خطوته ليعود إليها ثم هبت رياح عايده معارضة
- مهمتك ياحضرة الظابط... اى هنسيب شُغلنا وحال البلد عشان ست كوخه!!
وقف مسلوب الاراده.. هل يتبع قلبه أم عقله فكل منهما يحاول اقناعه بطريقة مغريه، وضع فى المنتصف بين الهوى والواجب، فحتى وان بدت اساليب اقناع الهوى أقوى فالواجب أولى باتباعه..

تحمحم بخفوتٍ متمردا على هواه ففتح الباب وغادر وترك قلبه على اعتاب بيتهم وهو يجر ذيول العزيمه التى شتتها كلمة إمراة..
استندت عايده على مسند السلم وعقدت ذراعيه متوعدة
- طيب.. ياويلك منى يا ست فجر...
قطع حبل شرها نداء رهف
- ماما موبايلك بيرن..
تحركت عايده متأففه لترد على تليفونها





- ايوة ياهاجر...

- مادام عايده سورى على الازعاج.. بس فى حاجه ممهمه لازم تعرفيها..
- خير ياهاجر..
- المؤتمر الدولى لصيحات الازياء فى فرنسا المفروض هينعقد بكرة الصبح..
تفرغ فاه عايده : نعم.. انت مش قولتى اتأجل! اى لعب العيال ده!!

بد الارتباك فى صوت هاجر
- حصل يافندم.. بس دول بعتوا ايميل من يومين وللاسف كان فى مشكله عندى على الجهاز ولسه شايفه الرساله من ساعه.. المهم أنا اتصرفت لحضرتك ولقيت تذكرة فاضيه فى طياره مسافره لهناك بعد كام ساعه.. وحضرتك عارفه مؤتمر زي ده مستحيل يتساب.. انا حاولت اصلح...

جهرت عايده متأففه
-انت تخرسي خالص وحسابك معايا لما ارجع
انهت عايده المكالمه بدون سابق إنذار وهى تسب ف نفسها سرا.. ثم وضح همس شفتها
- فلتى منى المرة دي ياست فجر.. بس وراكى وراكي والزمن طويل..

وعندما هرب اللفظ من بين شفتيها بدون رقابه او علي الاغلب حدفه قلبها قهرا وقالت "اُحبك" مثلها لا تقاوم سيوف الحب..
شعرت وكأنها عادت لمسكنها بعد أيام طويلة من الغربه، أو أنها علي الفور انتهت من رسم لوحة عظيمة استغرقت سنوات تأكل من عمرها، كإنها للتو انتهت من اللعب تحت المطر ذاهبة لبيتها لارتشاف مشروب ساخن، او جالسه امام البحر تشاهد شروق الشمس بقلب طفله..

‏الحبّ يحرق المباديء.. يحولها لرمادٍ.. فالحب الذي تنتصر عليه المبادئ والاعراف ليس حُبا.. حين تتجاوز كل خطوطك الحمراء بدون ما تلتف.. حين يَهزم القلب العقل.. حين يحطم المسافات فكرة الاتصال.. ويهدم جدار الشوق فكرة كتابة رسالة.. الحبّ الحقيقي لا يهتم بقواعد ولا تعوق قوانين.. هى نيران تشتعل وتأكل كل ما يقابلها لتصل لبحور انطفائها...

تجلس كالقرفصاء سابحه فى بحيرة دموعها، تارة تلوم نفسها عن اندفاعها وتارة آخرى تناجى ربها بأن يحميه.. أن يحاوطه بأمنه وحصنه.. ان يردها لقلبها سالما حتى وإن لم تستحق..
نهضت لتروى خوفها وندمها بالوضوء وتسكبهم منها فى سجدة لعلها تتخلص من نيران الندم التى تأكلها..

أما عنها تجاوز الطريق بمعجزه من حوادث الطريق او على الاغلب بسبب دعوات قلب إمرأةٍ لا يرجو غيره، اصبح لا يري غير صورتها زلا يسمع إلا بحة كلمتها التى اصابته معلنة عليه الحب، فكم كان صعبا عليه أنها كانت أمامه وبين يديه ولم يملكها!! ‏"
فهو الذى أخفى شطر الشوق المرسوم بعينيه وتعمد غروره قتل ما بقلبه من دواوين.. حينها عرف معنى أن الحب للمحب صدفة شفاء.. وها هو الان يُشفى بإمراة ولدت من رحم الصدفة..

وصل هشام للمكان المُتفق عليه وهبط من سيارته فوجد الجنود فى انتظاره جاهرا
- جاهزين يا ابطال!
صوت جمهورى هتف وراه : جاهزين ياقائد
ثم مال صديقه على أذنه فارحا
- اخيرا ياسيوفى رقبة سلطان هتبقي تحت رجلنا..
بثبات تام اجاب : قول إن شاء الله...

امر هشام العساكر بالتأهب للهجوم على أكبر خلية ممولة للعناصر الارهابيه فكل منهما عاد ليحتل مكانه الخاص..
تحركت السيارتين وراء بعضهم، يجلس هشام بجوار السائق ولازال فكره خاضع لسطو إمراة هزمته بدون اسلحة فما ألذها هزيمه... تتقلب ملامحها الطفوليه امام عينيه حتى فاق من غيبوبته على كلمة ( أحبك ) صارخا فى السائق
- وقف.. بقولك وقفففففف...

( صباحا )
لملمت عايدة اغراضها منذ ليلة أمس ففرغ البيت على رهف وفجر فقط، التى قضت الاخيره ليلتها على سجادة الصلاة تُناجى ربها وامضت ليلتها على جمرات القلق الذي طير النوم من فوق اهدابها.. فأيقظها شعاع الشمس الذي انعكس على وجهها فقامت بتثاقل حتى مر طيفه علي ذاكرتها ففزعت صارخه
- هشاااااام..!!

وثبت كالملدوغه وهى تبحث عنه متأمله بأن تجده عاد من مهمته سالما... هبطت الى أسفل وجدت رهف لازالت فى مكانها أمام التلفاز تشاهد مسرحية ( العيال كبرت ) وتعبث بالهاتف فى نفس الوقت..
فجر بخفوت : صباح الخير.. رهف مفيش اخبار عن هشام!
هزت رأسها نفيا ثم قفلت الهاتف ورفعت انظارها قائله
- بابنتى هشام ممكن يختفى بال٤٥ يوم مانعرفش عنه حاجه!!

انخلع قلبها من مكانه : يالهوى!! دانا اموت فيها.. هو قالى يوم او يومين بالكتير..
تجاهلت رهف خوف فجر الذي يتدلى من عيونها
- تعالى تعالى.. اتفرجى معايا المسرحيه دى هتموتنى من الضحك..
فجر بيأس : والنبى انت رايقه وفايقه.

لم تكد ان تنتهى فجر من جملتها ألا أن ظهر خبرا بالخط الاحمر اسفل التلفاز تحت لعنة كلمة ( عاجل )
{ انفجار أحد سيارات لعربيات الشرطه إثر كمين من أحد العناصر الارهابيه، وجارٍ البحث عن السيارة الاخرى }
كلمات ترد الروح وآخرى تسلبها، قرأت فجر العنوان بعناء وهى تكذب عينيها تحت انظار رهف المتسعه.. فهبت فجر صارخه وهى تضع كفوفها على ثغرها
- هشاااااااااااام!!!!

مر اسبوع على اختفاء هشام وباقى العساكر.. لم يبق لهم أثرا فى العريش حتى ذاعت اخبار وفاتهم او سقوطهم فى أى ممر تحت الارض او تم اسرهم من قِبل عدوهم عندما فقدوا الامل فى العثور عليهم..

عادت عايده من فرنسا فى اليوم التالى من سفرها عندما سمعت الخبر فلم تتحمل البقاء اكثر.. وطوال السبعة ايام لازالت تجرى المهاتفات التليفونيه للمسئولين.. واصحاب المناصب العليا للعثور عليه.. امتنعت عن تناول الطعام.. وقفت شغلها.. فلم تحس بحبها نحوه إلا عند احتمالية رحيله..
لازال زياد بصحبة مجدى وسامر يتنقولون هنا وهناك للبحث عنهم فلا يوجد اى وسيلة اتصال واحده بهم، انعدمت الاخبار عنهم..

ذاعت الاخبار بموت طاقم المهمه حتى سقط الخبر على قلب زيدان فى الصعيد.. وقلب سلطان الكامن فى أحد المنازل المجهول فى المدينه بفرحه... وسرعان هاتفه زيدان
- شوفت كان زمانك دلوق فى يد الحكومه.. ادعيلى!!
- والله ما عارفين نحط جمايلك فين يا زيدان بيه..
- عيب عليك دانا وعدتك ولازم انفذ!!

قهقهه سلطان : وانا وعدتك أن ابن السيوفى يكون وجبه دسمة للديابة ونفذت..!!
- تعيش وتوعد وتنفذ يا سلطان بيه..
كانت تلك آخر جُملة أردفها زيدان قبل ما يستمع لجُملة صعقته من مكانه تابعها استغاثه من صوت سلطان
- والله ووقعت ومحدش سمى عليك يا هزااااع!!

اردف هشام المتلسم فى زي بدوى جملته الاخيره وهو يصوب السلاح فوق رأس سلطان بعد ما نجحت خطتته التى دبروا لفشلها.. فكاد الجنون يطيح برأسه إثر الصدمه فاردف سلطان
- هشام السيوفى!! انت ما متت؟؟؟؟؟
- للاسف متعاهد مع مصر انى مسبهاش لامثالكم...
انتشرت عساكر طاقم الشرطه فى جميع ارجاء المكان وتم القبض على جميع رجاله...

فلاش باااااك
- انت وقفت ليه يا سيوفى!
نزل النقيب سمير من السيارة التى خلف سيارة هشام مندهشا مردفا جملته الاخيره، فأمر هشام السائق باشعال انوار السيارة فاشار بعيدا..
- ولاد الكلب عاملين كمين ومسطرين الطريق..
تناول سمير الكشاف من داخله العربه واناره واقترب خطوات قليل بحرص فوجد خيط ملتف حول اربع اعمدة فى هيئة مربع.. فقال
- دول رابطينه بقنابل.. صح!!

هتف هشام : اكيد عشان حاجه تنبهم لو فى فخ او حاجه..
- يا ولاد ال****.. اكيد حد بلغهم!!
- مش وقته.. مسير اللى بلغ هيقع.. المهم، المهمه دى لازم تنتهى براس سلطان!! لم العساكر كده واقطع أي وسيلة اتصال، أحنا عاوزينهم يحسوا بالانتصار ووقعنا فى فخهم وموتنا كلنا...
بااااااك.

يهبط هشام بصحبة سمير لاسفل على سلم سرداب تحت الارض بعد ما كبل سلطان.. فهتف مندهشا عندما رأي مكانا ضخما يضم اكبر الذخائر والاسلحة والمتفجرات
- يا ولادددددد ال *****
انحنى سمير قليلا ليمسك بأحد المدافع قائلا بمزاح
- الاكس. أم 307.. العمليه اللى فوتها مجدى..

اتسعت ابتسامة النصر على ثغر هشام
- مجدى يفوت واحنا نصطاد...
غمز له سمير بفخر : عااااش يا شبح والله، نصول نصول يعنى ياولاد السيوفى...

سقى الحبر بالدمع فجرت الفرشاة سابحا بآهاته على جدار القلب لينقش انكساراته.. تركت بسمة فرشاة الرسم بيدها وبعد حيرة وتفكير نهشت عقلها حسم قرارها اخيرا ان تفتح حقيبتها وتخرج منها شيئا يهدم ظنونها..
كل جزء بها ينهار راجيه ربها بأن يخيب ظنها.. اتكزت على عكاز مخاوفها لتحطمه.. وقررت أن تحسم امر حيرتها ووجعها..

وبعد عدة دقائق انعصر قلبها وانعصرت عيونها بدموع الخزي عندما حطم اليقين الشك وهى تترقب وضوح العلامة الحمراء الثانيه فوق مختبر الحمل...
قعدت ببطء على طرف حوض السباحه بعيون اقام امامه غمامة الوجع فباتت تقطر امطارا غير متناهيه.. فتزوم الافكار حول راسها كذبابه لزجه تأبى ان تفارقها.

- ليه ياربي كده! دانا ماصدقت نسيته!! ماصدقت إنى هخلص منه.. ليه عاوز تربطنى بيه!!
سحبت نفسا قويا صاحت بصوت مجلجل صارخه
- انا بكرهه مش عاوزاه ولا عاوزه حاجه تربطنى بيه!! لازم انساك واموتك من جوايا.

كل ما فى الامر ان هناك بقلبى وجع يؤلم وفى ذات الوقت يضع شريطا لاصقا على فمى كى لا اتخلص منه عويلا.. والامسيه التى اتخذت فيها قرار نسيانك.. استيقظت لأجدك قابع فوق ساقى ككره زرقاء ورحمى يحتضن كرة حمراء.. تبدو ان الروح تعاقبنى على قرار تخلصها منك.. فهى تخشي ان تفقدك فلم يتبق منها لى شيئا.. وذات الليله اكرر خطأى، فماذا سيكون العقاب ياترى.. اظن انها ستفر هاربه من ذلك الجسد الذي يؤلمها كثيرًا.

امرح اليوم بطيف وجودك الذي يحاصرنى.. واخشي ساعه الفراق وفقدان الامل.. واحتلال اليأس لطيفك وقطع الشك بسيوف اليقين.. أخشي انتظار الفقد الذي اعتاد ان يُهاجمتى بغتة... كلمة سريه لقلبك لازال قلبى يسد مسامه بالامل كى لا تعكر صفوى وجودك واحتمالية عودتك واتعمد تجاهل الحقيقه التى لا مفر منها " كلنا على موعد مع الغياب ".

اصبح صدري كهف غياهب الظلمه منذ ان رحل ضياء قربك عن سمائه.. هى من اتخذت من ظلال قلمها ونيسا لوجوده، لم تعط فرصة لليأس أن يسكنها سرعان ما كانت تنفض غبار الحزن والتشاؤم عنه.. باتت ايامها كر وفر.. مع كل غروب يغرب املها فى العوده وسرعان ما تأتى شمس اليوم التالى وتجدده، تهمس لقلبها سرا.

- هو قال لى راجع، وانا قولتله مستنياك، أنا لسه عند وعدى فهو كمان لازم ينفذ وعده...
ظلت تراقب غروب الشمس فى الجنينه الا أن هتفت رهف التى تحررت من الجبس اخيرا وهى تركض بجنون
- هشااااام... هشااااااام رجع يا ماااامااا..
نهضت عايدة من مكانها ملهوفة فلم تعط فرصة لرهف أن تعانقه.. فهمت هى بعناقه بلهفة ام وهى تربت على كتفه
- اخس عليك ياهشام.. كده تخضنى عليك!!

لاول مرة يشعر بدفء حضنها واول مرة يحتويها ليقربها منه قائلا
- انا بخير متقلقيش..
ابتعدت عنه لتتامل ملامحه بشغف
- فيك حاجه طيب، حاجه بتوجعك.. طمنى عليك ياحبيبي..
لاول مرة يشق قلبه حنانها فابتسم بهدوء : والله زى القرد قدامك اهو..
قبل هشام جبهتها بحنان : أنا زى الفل..
ثم طافت عينيه باحثا عنها : فجر فين..

هتفت رهف بشغف طفولى : يااافجر هشااام جييييه...
سقطت الكلمه على قلبها كسقوط الاذان على قلب شخص معلقه روحه بالمساجد... القت ما بيدها أرضا وركضت بكل ما اوتيت من انتظار... فاليوم اختل اتزان الطبيعيه غربت شمس العالم واشرقت شمسها...

وقفت للحظه محاولة تصديق ما تراه واخته بعلقه بحضنه، تبلع حلقها عدة مرات وهى تراه فى زيه البدوى الذي لم يقلل من جماله في شيء بل ضاعفه.. همت نحوه بلهفة ظمأن وجد بحيرة فى قلب الصحراء إلى ان وصل لقربه فتعرقلت قدمها بفستانها القطنى الطويل الاسود.. فسقطت تحت رجله مستنده بكوعها على كفه هاتفه.

- هشام!!
جثى. على ركبتيه ضاحكا
- طيب على مهلك بس..
مررت أناملها على ملامحه بشوق اشعل اصابعها كعيدان الديناميت.. فلمعت عيناها بغتة وهى تعانقه منفجرة فى بكاؤها
- كنت متأكده انك راجع..
همس بصوت خفيض لا يسمعه سواها




v,hdm hgpvf gH[g; sghl hgtwg hgjhsu




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الأول رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الأول dody
0 364 dody
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثانى والعشرون والاخير رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثانى والعشرون والاخير dody
0 567 dody
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الحادى والعشرون رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الحادى والعشرون dody
0 241 dody
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل العشرون رواية الحرب لأجلك سلام الفصل العشرون dody
0 252 dody
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل التاسع عشر رواية الحرب لأجلك سلام الفصل التاسع عشر dody
0 238 dody

الكلمات الدلالية
رواية ، الحرب ، لأجلك ، سلام ، الفصل ، التاسع ،











الساعة الآن 02:15 PM