وضعت رحمه صينيه بها كوب من الشاي بدقه امام مالك ليردف بهدوء... -اقعدي يا رحمه قبل عامر واهلك ما يخرجوا من عند دعاء! جلست بتوتر و حزن ليقول... -الموضوع ده من زمان؟ صمتت ولم تجيبه ليغمض عينيه بغضب يتمني لو يذهب إلى ذلك المريض و يفصل عنقه عن رأسه! -دعاء عارفه مش كده! رفعت رأسها بحده و نظرت له بخوف و عيون متسعه هل يعلم بمخططهم؟ كيف اكتشف ذلك؟! رفضت الاجابة لتمسك بنظرات عينيه المصممة فتقول بهدوء و قوة...
-انت عارف ان دعاء مل... -اوعي تكمليها! نظراتك و اللي حصل فوق، مأكدلي دعاء مفهاش اي حاجه! -انت عايز توصل لايه يا ابيه مالك؟ قالتها وعقلها السابق لأوانه يستعيد حدته و يدق كالساعة! ارتفع جانب شفتيه قليلا فلا شيء يدعوا للابتسام و لكن مثابرة تلك الصغيرة وصمودها يستحق الاحترام! امسك بالكوب يأخذ رشفه منه عندما صدمته بباقي كلامها! -انت بتحب دعاء بجد! سعل بخفه و هو يطالعها بصدمه ويرى جديتها التامة...
اخفض بصره مذهولا فتلك العائلة مليئة بشخصيات مثيرة للاهتمام الم تكن تلك الصغيرة تنتفض كالحمل المذبوح منذ قليل! -أبيه مالك انت بتحبها؟! ارتفعت انظاره الواثقة لها ليردف... -ايوة! -حتى وانت عارف انها ملبوسه؟! صمت لحظه قبل ان يقول... -بس انا عارف انها مش ملبوسه! لتضيق عينيها بمكر قائله... -بس قبل كده مكنتش عارف! حضرتك مكنتش بتيجي كل يوم و التاني من فراغ صح؟!
امال رأسه لليمين يطالعها بعنايه، كيف تخفي تلك الصغيرة دهاءها امام من حولها! -ميهمنيش ملبوسه ولا لا! ابتلعت ريقها وهي تغمض جفونها فتقول بحرقه وتوسل مستتر... -اتجوزها! -نعم؟! -انت بتحبها يبقي اكيد عايز تتجوزها! -اكيد طبعا بس اختك مش هتوافق... -مش مهم اختي حضرتك ذكي و اكيد هتعرف تتصرف! ضحك بمراره قائلا... -اختك مش هتوافق عجباها المسرحية! -مش مهم اتجوزها ان شاء الله غصب عنها!
كانت تلك الجملة سببا في اتساع ابتسامته ليردف... -اه لو انتي ولي امرها كنت كتبت عليها دلوقتي! -انا هتصرف بس انت فكر في طريقه وانا هقنعها! خرجت والده دعاء المرهقة مقاطعه حديثهم ليليها عامر ساندا اباه الذي زاد عرج ساقه عن اول يوم راه به! يبدو ان تلك الغبيه لا تدري عواقب افعالها و لا تدرسها بدقه! امسك عامر هاتفه بحده واتصل بأحد الارقام!
-الو الشيخ (، )، مفيش كده على فكره انا اختي بتضيع مننا!ارجوك حضرتك لازم تشوفها قريب! نظر مالك لأسفل يعض على لسانه لابد ان اليأس قد تأكل عزيمه المسكين ليلهث وراء حفنه من الدجالين! هز راسه وهو يستمع إلى توسلاته وينهي مكالمته بشكر وافي من القلب... نظر لوالدته بأمل قائلا... -بعد بكره ان شاء الله... رفعت والدته يدها إلى السماء بعيون باكيه... -يارب انت الشافي و من عندك الخلاص!
لم يطيق مالك الجلوس وسط تلك المشاعر المتخبطة ليقول بهدوء... -طيب أستأذن انا يا جماعه ولو احتجتم اي حاجه في اي وقت كلموني! -شكرا يا مالك كتر خيرك! اغلق عامر الباب خلفه واتجه يلقي بجسده على احدي المقاعد ليخبط جبينه بانزعاج! -في حاجه يا ابني! قالت الام بتعجب، ليجيب عامر... -نسيت اسأله كان جاي ليه، لا اله الا الله اكيد حاجه في الشغل! -متقلقش اكيد مش مهم لو حاجه مهمه كان قالك! هز عامر رأسه بالموافقة دون كلام!
نظرت يمني بغضب نحو اخيها الاكبر و انزعاج ليقول بملل... -يمني انا مش ناقص نكد! - ايوة طبعا ماانت مش في دماغك يا استاذ مخبي عليا كل ده وفي الاخر انا اللي ابقي نكد! وضع يديه على رأسه بقله حيله قائلا... -يا بنتي ارحميني يخربيتك! -اتفضل قولي طالما بتحبها اوي كده هتعمل ايه! -ما هو انا لو عارف هقولك ليه يا جحشه انتي! (اخ مصري اصيل ).
-الله وانا مالي انا! مش انت اللي مش عارف تتصرف و جاي عشان اتنازل وافكر معاك واحل مشاكلك! رمش مرات متتاليه بصدمه ليردف بعدم تصديق... -تتنازلي و مشاكلي اااه قولتيلي! امسكها من عنق البيجاما من الخلف دافعا اياها بخفه نحو باب غرفته! -بره يا كلبه! -استني بس ونبي يا مالك الله! هو الواحد مينفعش يهزر معاك شويه! -لا مينفعش! قالها وهو يتركها ويكاد يغلق الباب خلفها لتضع جسدها بين الباب سريعا وتردف...
-ااااه جنبي! كبدي اتهرس! -احسن! تركها وعاد إلى غرفته لتخرج لسانها بسعادة وضحكه وتدلف بفرحه خلفه... -انا عندي فكره حلوة! نظر لها مالك بنصف عين قائلا... -خايف اقولك قولي! -انت توديني اتعرف عليها وان، اااااااي... امسكها مالك من اذنها يلقيها خارج غرفته ويغلق الباب... -الله دي مبقتش عيشه دي، الواحد مش عارف ياخد فرصته معاك، انا غلطانه اني فكرت اصلا هاااااه! و يا رب ما توافق تتجوزك وتبقي معفرته عليك!
دبدبت بحده قبل ان تتجه إلى غرفتها... حرك رأسه بعدم تصديق وهو يمسك بهاتفه يتمني الشرود بأي تفاهات تزيل همومه...
تذكر ان عليه مكالمه احد العملاء الذي نسي تسجيل اسمه فبدأ ينزل في السجلات حتى وجد رقم شبيها ولكنه غير أكيد ؛ اتخذ قرار بالاتصال فان كان خاطئا لن يكون نهاية العالم بعد ثوان اتاه صوت خشن من الجهة الأخرى... -الو الشيخ (، ) مين معايا؟! -هاه؟! قال مالك بتعجب و هو يستمع إلى اصوات غريبه في الخلفية ككلمات ( حي و مدد! ) لتعود ذاكرته إلى اليوم الذي طلب به عامر مكالمه هذا الشيخ من هاتفه!
-يا استاذ؟ انت معايا؟ -هاه ايوة ايوه، احم معلش هو انا ممكن اعرف العنوان؟!اصل قريبتي جايه بعد بكره وبتأكد...
اخبره الرجل و انهي المكالمة... نظر مالك مطولا إلى الهاتف بيده لتلمع عينيه وترتسم ابتسامه واسعه على وجهه الاسمر الوسيم اظهرت اسنانه البراقة... يبدو ان الله راضي عنه ليهديه إلى تلك الفكرة الجنونية ام يقول الجهنمية؟!
يوم لقاء الشيخ... مط عامر جسده بتعب فقد قطعوا مسافه طويله هو ووالدته و دعاء دامت 5 ساعات للوصول إلى هذا الشيخ لعل و عسي ان تكون نهاية المأساة على يديه... يا الله المكان مزدحم بشده! لابد انه على الاقل جيد و فعال ليأتيه كل هؤلاء البشر! توجه لرجل يبدو كمنظم المكان و يعمل لدي الشيخ ليعرف موعد دخولهم...
امسكت دعاء يد والدتها بذعر فهؤلاء الناس من حولها بهم ما يدل على الجنون، هناك فتاه إلى اليمين تنتفض رقبتها للجانب كل ثلاث ثوان و فتي ينتفض سائر جسده بجنون كل خمس ثوان و يحاول رجلين امساكه بين الحين والاخر... اغمضت عينيها تبتلع ريقها فلا يجب ان تظهر خوف وتندمج بمهمتها المشابهة لهم ولكن النوم اسهل و ربما ثقل جفونها من تحدث او انه هروبها من الواقع ام انه التعب من الركوب في السيارة كل تلك المسافة!
المهم انها القت رأسها على كتف والدتها مستسلمة للنوم! مر الوقت كالضباب حولها بعد استيقاظها و دخولها إلى ذلك الدجال اللعين و تفوهه بالهراء المتواصل... نظرت إلى الحجاب المعلق بصدرها و ابتسمت بتهكم و هي تتذكر اخباره لهم بان لها جن عاشق موهوم بحبها و انه لن يتركها حتى يأتي نصيبها الذي كتبه الله لها! غبي ومن ذا الذي سيرضي بإقران اسمه بفتاة مخبولة! قاطع تفكيرها حديث والدتها لعامر الغارق في التفكير...
-تفتكر اللي قاله الشيخ ده حقيقي و هيحصل! رد بتوهان غير قادرا على تصديق كلماته... -مش عارف يا امي! -انا قلبي حاسس ان نصيبها هيجي فعلا الاسبوع ده، الشيخ ده مبروووك اوي و ناس كتير قالتلي! -انا بس مش عارف ازاي يعني بالحجاب اللي في رقبتها ده نصيبها هيجي في خلال اسبوع واللي اكتر من كده انه عايزنا نجوزهاله وقتي، اللي هو ازاي يعني مش نسأل عليه...
-نسأل عليه! ونبي اتلهي متجننيش انت التاني، بس هو يجي! اختك لو متجوزتش وهي حلوة وفي عز شبابها كده هتبور كفايه اللي حاصلها ؛ بس هو يجي و يمين بالله لاجوزهاله في اقل من ساعه! -يوووه يا امي، انا مش مقتنع الصراحة! اكيد بيكدب الراجل ده و كل تعبنا ده هيكون على الفاضي! -فال الله ولا فالك يا شيخ، اسكت يا عامر الله يرضا عليك، انا واثقه انه هيجي و واثقه اكتر اننا هنجوزهم على طول بس هو يطلب!
وضعت دعاء يدها على فمها تخفي ابتسامتها لو لم تكن تعرف والدتها البسيطة لظنت انها ترغب في التخلص منها وكأنها كيس من النفايات ولكن المسكينة عانت معها الكثير طوال تلك الفترة تحاول جاهده انقاذها... اغمضت عيونها بحزن ولكن ما باليد حيله يوما ما سيشكرها الجميع على ما تفعله!
امتنع مالك عن الذهاب إلى منزل دعاء واكتفي بمراقبتها في الجامعة حتى انها رأته اكثر من مره و دائما ما يدور حديث بين اعينهم ينتهي باحمرار وجنتها و هروبها السريع من امامه! حتى انه احيانا يقبض عليها تبحث عنه بخفيه من حولها! قريبا سمرائي المشاكسة سأنهي لعبتك الصغيرة بلعبه أخري تفوقها خطورة و ليرمي كل لاعب بأوراقه الرابحة و يبقي الفوز للاعب الأدهى!
(قاعد لوحدك كده زهقان شيطان يوزك في سكه شمال يفضل يقولك إلعب يلااااا).
بعد مرور سبع أيام محبطه على والد ووالده دعاء المنتظرين بشوق تحقق اقاويل الشيخ... دلفت دعاء إلى غرفتها بغيظ بعد وصولها من الجامعة و رؤيتها لذلك اللعين الذي يتلاعب بها لماذا يقف بعيدا لا يقترب أهذا اعترافا منه بأنه يرغبها ولكنه يرفض الحصول عليها... هزت رأسها بعنف تمحي ذلك التفكير المجنون لتري رحمه جالسه تراقبها كالصقر... -في ايه انتي كمان، بتبصيلي ليه؟! -عادي بتفرج عليكي!
-ليه وانا فرجه يا زفته انتي! ضحكت رحمه بلا مرح لتردف بواقعيه... -انتي متأكده انك مش عارفه اجابه السؤال ده؟! جاء قولها في الصميم لتشعر دعاء بدموعها تقترب متحسره على حالها فتردف بحده... -اطلعي برا يا رحمه انا عايزة انام مش ناقصه صداع! بدلت ملابسها بعنف واتجهت لفراشها تفترشه و تغمض عينيها مصطنعة النوم لتصل إلى اذانها قول رحمه وهي تخرج... -حتى أبيه مالك مبقاش يجي خساره، فرصك بتخلص يا دعاء!
بذلك اغلقت الباب لتبدأ شلالات من الدموع تسقط من عيونها الحاده كعيون القطه و جسدها المتكور على نفسه محاوله الاختباء عن الحياه و ما فيها تريد فقط العيش بطبيعية و لو لساعه من الزمن!
وقف امام الباب يتنفس بإحماءيه ويحرك ذراعيه للخلف مره ويعود به للامام قبل ان يلقي بنظره على سرواله البيتي كحلي اللون و قطعه القماش خاليه الاكمام الخافية لصدره باحترافية مجسمه... زفر للمرة الأخيرة حين لمح نظرات الرجل بجواره! حسنا بالتأكيد لن يزيده ذلك جنونا في نظره يكفي ما هو مقدم على فعله الان! وبذلك رفع يده يطرق على الباب بحده و توالي...
انتفضت الفتاتان بذعر فقد كانت رحمه مستلقيه في احضان شقيقتها شاعره بتأنيب الضمير لأقوالها وضغطها المستمر عليها لتستفيق، فانتهت في الليل تواسيها وبين احضانها... قالت دعاء بذعر... -هو في ايه؟ مين بيخبط كده! هزت رحمه راسها تحاول الخروج من دوامه النعاس قائله... -مش عارفه! صوت عامر اهوه، يبقي صحي و هيفتح يلا نشوف في ايه!
اتجه عامر بخضه نحو باب البيت متوعد الطارق على سخافته ولا مبالاته للقرع بهذه الطريقة على بيوت الناس بعد منتصف الليل! رمق ساعه الحائط وجدها الثالثة فجرا ليدق قلبه بتوتر و بدون اي تأجيل فتح الباب ليصدم بمن يراه! -مالك! حاول تجميع افكاره المشتتة ليخرج بكلمات مفهومه و سؤال مناسب ليتفاجأ بمالك يرمي بجسده و يجسو امامه قائلا بعيون واسعه مجنونه... -عامر جوزني دعاء دلوقتي حالا! -نعم!
وقف مالك ولم يمهله فرصه... -دعاء يا جماعه جوزهالي حالا انا حاسس اني هموت، اااه انا بتشل ولا ايه!.. امسك قلبه بتعب متقن يعتصر عينيه قائلا... -انا لازم اتجوزها دلوقتي حاسس ان في حاجه بتحصلي غلط! شهقت والده عامر بفرحه متناسيه خضتها و كادت تجيب عندما سبقها عامر... -انت بتقول ايه يابني، مالك انت بتعمل ليه كده!
-انا مش عارف حاجه، مش عارف حاجه! قالها بتوتر و ذعر وهو ينظر لأرجاء المكان ويقف بعينيه عليها، مشاكسته السمراء بعيونها الشبيهة لعيون للقطط البريه، تقف كالقطة المرتعبة في بيجامتها البيتية الفضفاضة... اتجه نحوها ببطء ؛ وهو يصطنع عدم القدرة على صلب جسده والاهتزاز ليمسكه عامر بذهول... -استني بس يا مالك ابوس ايدك متسيبش ركبي اكتر من كده!.. - السلام عليكم و رحمه الله، السلام عليك يا حي يا قيوم...!
انتقلت انظار من في الغرفة بهلع نحو باب الشقة ليتفاجأوا بذلك مدعي المشيخة يدلف شقتهم قائلا وسط ذهول والده دعاء و قد بدأ عقلها يرتب الاحداث معا وتتأكد ان ما اخبرها به ذلك الشيخ المبروك عن زواج ابنتها و مجيء نصيبها، على وشك الحدوث بالفعل! لم تسيطر على انفعالات فرحتها لتطلق زغرودة مجلجلة وقد بدأت الدماء تغزو وجهها... وضعت دعاء يدها على وجهها بصدمه غير قادره على اتخاذ رد فعل...
-ياامي متجننيش ياامي ده وقته، خليني افهم من الراجل! قال عامر بغيظ وقد طفح به الكيل من ذلك الجنون... ارتمي مالك على الكرسي خلفه يتنفس بتعب قائلا... -انا كنت نايم مش عارف ايه اللي حصل بس شفت اختك قدامي ومش عايزة تبعد عن خيالي عشان خاطري يا عامر سيبني اتجوزها وانا هحققلها كل اللي بتتمناه وهسعدها جدا جدا! لم يمهل الشيخ عامر وقتا للرد ليردف بثقه وتأكيد...
-ده المتقدر والمكتوب ياولدي متفكرش فيه كتير، انت نصيبها وهي نصيبك واللي هيتم من عند الله! كاد يعترض عامر عندما قاطعه صوت والدته... -بس ياابني كفايه عشان خاطر اختك وامك ده احنا غلاااابه اوي و تعبنا اوي اوي!.. نظرت لمالك بأمل... -انت عايز تتجوزها بجد ياابني! -اومال جاي الساعه 3 الفجر بهدوم البيت اهزر يا حاجه، انا مش هقدر اعيش دقيقه بعيد عنها انا هتجوزها حالا... -لاااا طبعاااا...
وضعت رحمه يدها على فم دعاء تحاول تهدئتها وشقيقتها تنظر لها بذهول... -الجوازه دي لازم تتم بسرعه قبل الجن ما يسبقنا بخطوه، ادبح عرق و سيح دمه قبل ما ينتقم جوا بنتكم وتضيع منكم! قال الشيخ ليهرع والدها متحدثا بذعر... -ابوس ايدك يا شيخ احنا موافقين و استاذ مالك هنلاقي مين احسن منه ده ربنا بيحبها! نجح مالك في كتم ابتسامه كبيره كادت تلتهم جام وجهه و انتفض يصيح نحو الباب... -اتفضل يا شيخنا!..
ثوان وظهر شيخ بعمامته و دفتره، معلنا عن حضور المأذون... نظر عامر بذهول نحو مالك غير منتبه لرحمه ووالدته المتسارعتان لإدخال دعاء غرفتها قبل الرفض، متسائلا... -و المأذون ده جبته ازاي دلوقتي؟! نظر له مالك ببراءة الذئب قائلا... -مجبتوش انا لقيته واقف في الشارع وانا في الطريق جبته معايا! -كله بإرادته سبحانه وتعالي!.. قالها الدجال بكلمات ممطوطه وهو يقوم بحركات بهلوانيه بسبحته جاذبا انظارهم...
(نأخذ من كل رجلا قبيلااااا) ليردف مالك وهو يعود ببصره نحو عامر... -و ده معرفوش، انا بحسبه تبعكم! فتح المأذون دفتره بملل قائلا... -هنكتب الكتاب ولا مشحططني على الفاضي! -ايوة طبعا! احتضن مالك عامر الغارق في صدمته ليقترب و يسند والد دعاء بجانب المأذون فتبدأ مراسم الزواج!
في غرفه دعاء... -اوووعوا انتي اتجنيتي يا رحمه! لتتحدث والدتهم... -حاولي تمسكيها هنا عقبال مااجي! وبذلك خرجت من الغرفه... -ابوس ايدك يا دعاء متوجعيش قلبي اكتر من كده عشان خاطري سيبيه يتجوزك! لتصرخ دعاء بغضب محاوله تمالك كلماتها... -اتجوز ازاي لا لا و الف لا! حاولت تخطي رحمه للخارج فنزلت على الارض بجوارها تقبل يدها بهستيريا اوصلت الدموع إلى عيون دعاء حزنا على المتاهه التي غرقت بها...
-عشان خاطر ربنا يا حبيبتي دي فرصتك الوحيدة عشان تعيشي و ابيه مالك بيحبك والله بيحبك، مين هيعمل كده الا لو كان بيحبك! نزلت دعاء لمستواها تمسك اكتافها بجديه لتردف... -مفيش حاجه اسمها حب و مالك ده انسان كذاب، حجاب ايه و دجل ايه اللي دخل بيه ده ؛ انتي ناسيه اننا عاملين تمثليه اصلا ومفيش عفريت ولا غيره! -لا مش ناسيه و انا عارفه اصلا و موافقه!
-عارفه ايه و موافقه على ايه انتي مجنونه ؛ مش حاسه بالمصيبه اللي هتنزل على دماغك انتي مش انا! لتبكي رحمه بحده وتحايل قائله... -انتي قلتي اهوه على دماغي انا مش دماغك انتي، بالله عليكي يا دعاء متوجعي قلبي اكتر من كده و تعيشيني بالذنب فوقي يا دعاء انتي وحلتي نفسك بسببي مفيش حد هيتجوزك ابدا ابدا ابدا! لتردف دعاء ببكاء مماثل على ما اوصلتهم قله الحيلة اليه...
-و مين قال اني عايزه اتجوز يا حبيبتي، انا مبسوطه كده و مرتاحه! هزت رحمه رأسها بحده وهي تحيط وجه شقيقتها الكبرى بكفيها قائله... -لا يا دعاء متكذبيش و انا عارفه ومتأكده انك حبيتي مالك و عندك حق طبعا مفيش واحده هتلاقي حد مجنون بيها كده ومش هتحبه! -انا مش بحب حد! قالتها بتوتر و خوف محاوله ابعاد وجهها عن شقيقتها لتقول رحمه بثقه...
-لا بتحبي و يشهد عليكي الاسبوع اللي فات كله لما تنامي كل يوم والدموع مغرقه مخدتك ؛ عشان حبيتي و مكسوفه من كل حاجه بتعمليها و هو بطل يقربلك اعترفي لنفسك عشان ترتاحي يا دعاء! نظرت دعاء بصدمه لشقيقتها الصغيره! ولكن اي صغيره! لقد الجمت لسانها عن الرد وباغتتها بمعرفتها دواخلها وتفسيرها قبلها هي ذاتها!
نعم لأول مره تشعر بقليل من الندم والحسرة التي اخفتها داخلها لقيامها بتلك التمثيلية و شعورها بضياعه من يديها، تبا له لما لم ينتظر قليلا قبل الظهور بحياتها الملعونة! دلفت والدتها بدفتر ووعاء من الحبر... لاحظت ارتعاش شفتي والدتها وكأنها على وشك البكاء والانهيار، رأت شفتيها تتحرك بكلمات لابد انها قرآنيه... -امسكي دي يارحمه!
اعطتها علبه الحبر التي يستخدمها من لا يستطيع الكتابة وفتحت الدفتر وهي تنظر إلى عيون دعاء بذعر لتمسك بأصبع دعاء فتغمسه في الحبر، كادت تصرخ بغضب ولكن تلك الدموع المتعاقبة التي تخرج من عيون والدتها المسنه الجمتها ؛ هل يعانوا إلى هذا الحد بسببها ؛ نظرت لضعف والدتها ورعبها الجلي على وجهها حتى اصابعها المهزوزة بلهفه وهي تطبع بأصبعها على الدفتر! بصمتها!
نظرت دعاء بصدمه لوالدتها ؛ هل تم الزواج بالفعل بتلك البصمه؟! اكدت لها والدتها ذلك عندما خرجت اصواتها الباكيه براحه وهي تزيل الدفتر و تضع رأسها بين كفي ابنتها تقبلها بإرهاق واضح و كأن جبل قد انزاح من على اكتافها! -الحمدلله ؛ الحمدلله ؛ الحمدلله! ظلت تتمت بكلماتها تلك و دعاء في متاهه من المشاعر والصدمة... نظرت لرحمه المبتسمة براحه و دموع... ماذا عن شقيقتها الصغيرة و مصيرها؟!
سحبت يدها من والدتها تضعها بذعر على وجهها صارخه... -لاااااااا لاااااااا مينفعش! كيف يجبرها ذلك اللعين على الزواج بتلك السهولة، كيف تمكن من ملاعبتها هكذا؟! كان الجميع يسترق النظر من الخارج وكاد قلب مالك يتوقف رعبا من فشل والدتها بأخذ بصمتها لإتمام عقد القران ولكنه تنهد بفرحه وانتصار عندما نجحت بالفعل ولكن لم يغب عنه شرودها وكأنها تبتعد عنها بأميال!
-وطي صوتك يابنتي ؛ احمدي ربنا ده نصيبك يابنتي افهمي بقي انتي هتبقي زي الفل و هترجعي دعاء زي الاول ؛ دعاء بنتي حبيبتي السعيدة على طول واللي كلها حنان و طيبه!. قالتها الام وقد اختلطت دموعها بين الفرح و الحزن... هزت دعاء رأسها بعنف عاجزة عن تفسير ما يحدث لوالدتها ودت لو تصرخ وتخبرها انها خدعه و لكنها من اتقنتها! -دي مش هي ده العاشق بيعترض و وحده النصيب هيتغلب عليه!
دلف الشيخ و معه مالك و باقي عائلتها لتصرخ دعاء بهستيريا... -اخرس يا كداب يااابن ال، وال... انكمشت ملامح مالك على بذائه الفاظها ولكنه سيسامحها لأنه لم يبدأ بمرحله تأديبها بعد! ولكنه بالتأكيد لن يسمح لها بذلك في بيته! حاولت والدتها كتم فمها دون جدوي... -سيبوها معايا شويه يا جماعه... قال مالك بثقه و عيونه تثبتها و لكنها اصابته بسهام عيونها النارية معلنه عدم استسلامها و تحذره ضراوة معركتها...
ليردف الشيخ بغيظ منها... -سيبوهم لوحدهم لو هو مقدرش عليه هيفضل محبوس في جسمها! نظرت له شزرا وهي تقوم بحركات اعتادت عليها بعصبيه و سب لا يغتفر... ليخرج الجميع تاركين مالك معها...
اغلق الباب بالمفتاح بعدهم والتفت ينظر لها بابتسامه كبيره... كانت تتنفس بصعوبة وهي تكشف اسنانها بهجوم حذر، امال مالك رأسه بابتسامه قاتله قائلا... -منورة يا شابة! -اه يا زباله يا واطي يا ندل! اقام بأشارة تدل على الصبر بأصابعه قائلا... -مستعجله على رزقك ليه جايلك انا! نظرت حولها تبحث عن سلاح لتمسك بفازة صغيره وتلقيها بغضب نحو رأسه تفاداها مالك وهو يضحك بهستيريا ليردف..
-اااه انتي صدقتني نفسك يابت ؛ لا لو مجنونه انا اجن منك! حاولت القيام ببعض الحركات المشعوذة لعله يخاف منها فحركت رأسها وهي تفتح عيناها الحاده كالقطط بشكل دائري و تخرج صوت مكتوم من صدرها و تقبض يدها و تبسطها بجانبها... ليتقدم مالك بحاجب مرفوع قائلا... -لا لا الحركات دي خلاص مش عليا يا حب الحب! -لو قربت مني هقتلك بقولك! قالتها بصوت سميك... ليرفع كلتا يديه باستسلام قائلا...
-براحتك كملي قله ادب ؛ بصي انا اصلا هطلع عفاريت الدنيا على جتت امك دلوقتي! و بذلك انقض عليها يحاول تكبيلها واخضاعها له بينما اخدت هي تقاوم بصرامه و هي تلقبه بأفظع الشتائم و الكلمات... (السافله اللي فضحانا في الفضائيات).
استدارت بين ذراعيه لتنقض بأسنانها على كتفه بقوه فيكتم هو آلامه ويجذبها من شعرها يبعدها عنه... -يا بت العضاضه ؛ والمصحف ما هرحمك ؛ انا بكره العض متعصبنيش اكتر! قال جملته الأخيرة وهي تحاول عض وجهه ولكنها لم تأبه وحاولت جذب رأسها من براثنه و عض وجنته او بالأحرى ما تستطيع الاقتراب منه من جسده ليردف بتحدي... -ايه ده يا صعرانه انتي! قولي انك عايزة تبوسيني مش تعضيني يا لئيمه، اه ان كان كده ماشي!
اتسعت عينيها لما يتفوه به من هراء لتردف بحده -اخرس يا ابن ال... لم تكمل جملتها وهو يقبض على شفتيها بين شفتيه يعتصرها بقوه حتى لا تفتحها و توبخه اكثر... زادت اتساع عينيها وهي تنظر لعينيه التي تبادلها النظر بمرح وكأن تقبيله لها امر طبيعي جدا! تسمر جام جسدها لا تعرف ماذا تنتظر ان يبتعد عنها ام ان يبدأ بتقبيلها بشكل حقيقي!
استغل مالك صدمتها ليبعد شفتيه ويدفعها للفراش خلفها قبل ان ينضم اليها وهو يكبل اطرافها... -ابعد عني بقولك ابعد... امسك وجهها ووضع يد على فمها ليردف بضيق... -بطلي قله ادب بقي انا جوزك يا سافله! اصدرت اصوات مكتومه تحت كفه الضاغط على شفتيها وهو ينظر إلى عينيها الشرسة ليضيق عينيه بغيظ... -اشتمي اشتمي! ده انا هقطع لسانك ده من لغلوغه بس اصبري عليا!
نظر إلى وجهها المحموم بالغضب ليميل عليها بجسده اكثر ويتنهد براحه و لامبالاة... -اه بس تصدقي انتي حلوة اوي! لم تأتيه سوي همزاتها المكتومة ردا، ليزفر بحنق مصطنع... -بس بقي بطلي نكد متضيعيش اللحظة الرومانسية مننا! خرجت ضحكته عندما حاولت نفض جسدها بقوة من اسفله لتبقي ابتسامه واسعه وهو يراها تلتهمه بعينيها ليقول بحب... -يخربيت جمال عنيكي هو في كده ؛اااه ولا تكونش دي عين العفريت، هاه هاه هاه...
ضحك بسماجه فحاولت قضم يديه ويا حبذا لو بإمكانها اقتلاع عينيه الرائعة! رائعة! نعم كقطع جسده المنحوت إلى اجزاء ووضعها في اكياس سوداء غليظة! (ايه البت دي ) قطع افكارها يده التي تحاوط خصرها وتقربها اليه، نظرت له برعب لتجده يعض شفتيه برغبه واضحه ومشتعلة في عينيه ليزيد صدمتها بقوله بصوت خافت... -بقولك ايه قله ادب بقله ادب فكك من الشتيمة و تعالي نجرب حاجه جديده تعملها الشفايف دي!
رفع يده وقبل ان تصرخ كان يستبدل يده بشفتيه القوية زاد من ضغطه على شفتيها وهو يحاول اخضاعها...
و بالفعل ماهي الا دقائق حتى سكنت بتعب وبدأ مالك يقبلها بهدوء، ابتعد مالك ينظر لعينيها الناعسة بحب ليطبع قبلات كأجنحه الفراشات على شفتيها يقبلها بخفه فيبتعد ليمسك بنظراتها فيعود و يطبع الأخرى و هكذا حتى اغلقت عينيها تماما فسمح لنفسه بذلك الالتهام من رحيقها ما يشتهيه و قلبه يطير فرحا وعقله يؤكد امتلاكه لها بالفعل واقترانها باسمه!
مشاعر غريبه مختلطه لم تختبرها قط تمر حولها وهي تشهر بذبذبات تتحكم بجسدها المرهق، ذلك البغيض يملك شفاه سحريه بحق! ابتعد مالك ليقبل وجنتها برقه ويضع جبهته على فمها بإنهاك عاطفي... -يخربيت سنينك ؛ انتي ازاي كده! انا مش عارف افكر! انتفض الاثنان بذعر عندما دق الباب بخفوت واتاهم صوت عامر... -مالك انت كويس انا حاسس بهدوء من فتره! شهقت دعاء ليضع مالك يده على فمها بنظره حاده قائلا...
-متخفش انا بتفاهم معاه اهوه وهو هيطلع ومش هيتعبنا!.. ضيقت عينيها وهي تري عيونه الضاحكة و ترغب لو تصفعه ولكنه همس بحده وتأكيد... -هتقومي تلبس وتستهدي بالله كده وتروحي معاايا عشان نحبكها! هزت رأسها بحده ليردف بلا مبالاة... -خلاص انا هطلع احكي لأهلك ان كل ده كدب في كدب و هقولهم على منير ابن عمك و رحمه! شحب وجهها لتهز رأسها يسارا ويمينا برفض... حاولت التكلم ولكنه منعها بيده قائلا بحده..
-اسمعي الكلام احنا بقينا الصبح هتروحي هنام ساعتين وبعدين نشوف الموضوع ده ولا نكشف كل الاوراق دلوقتي... هزت رأسها بالموافقة ليبعد يده بتوجس ويستقيم بعيدا قائلا... -دقايق هطلع احبكها وارجع الاقيكي جاهزة يا حب الحب! احمرت وجنتها وهي تعض على لسانها رافضه الاستجابة لاستفزازاته ولقبه المغيظ! استقامت هي الأخرى ليقول بحده وهو يفتح الباب... -متحاوليش تتحديني يا دعاء هتندمي ؛ خصوصا دلوقتي!
بذلك خرج تاركا اياها تتمتم بغضب... -ماشي يا ابن المبقعة ؛ انا هوريك التحدي اللي على اصوله ؛ متفتكرش انك كسبتني! قالتها بغيظ لتدلف رحمه سريعا تحاول الابتسام لتردف بخفوت... -بحبك اوي! نظرت دعاء بغضب للجهة الأخرى ؛ ها هم يزوجوها و يحاولوا التخلص منها كأنها وباء وهي من تضحي و تلعب ادوارا ميؤوس منها لأجلهم! ( ناس معفنة ) اقتربت رحمه لتبكي بخوف من غضب شقيقتها عليها... -حبيبتي انا بحبك والله!
زفرت دعاء وهي تستغفر ربها فلماذا تعاقب المسكينة نفسيا لتتنهد وتحتضن شقيقتها الصغرى قائله... -انا عارفه يا رحمه! -الشيخ قال ان لازم تبعدي عن البيت حالا عشان الجن ميحاولش يدخلك تاني! -جن لما يبقي يجنن اهله البعيد الكداب ابن النصابة! ضحكت رحمه قائله... -دعاء احمدي ربنا انك اتجوزتي مالك!
نظرت لها بغضب و كادت توبخها، لكن والدها الباكي اوقفها بصدمه وهو يعرج قليلا بمشيته ويحتضنها بقوة و هنا شعرت باي ذره جبروت بها تنهار فتسقط بين ذراعيه باكيه باستسلام... بقي عامر بالخارج يشعر بإرهاق جسدي ونفسي ولكنه اختلي بمالك قائلا... -دعاء حاله خاصه لو مش قد المسئوليه سيبهالي و لو هتتعبها ويجي يوم تعايرها كل ذره احترام وحب ليك هتتحول لكره نحيتك ومش هرحمك ابدا! -اعايرها؟!
قالها مالك بذهول ليردف عامر بإصرار.
-انا مش عارف انت طبيعي ولا مسحور بس لو اختي اتعذبت اكتر من العذاب اللي بتشوفه كل يوم هقتلك بإيدي! ضيق مالك عينيه بانزعاج ولكنه اعجب بحبه الاخوي الاكثر من رائع وجعله فخور لأنه شقيقها وصديقه... ابتسم مالك مطمئنا ليقول...
-الايام جايه وهتشوف انا هسعد اختك ازاي متفتكرش اني هخدها منكم سلق بيض كده وخلاص لما تخف وتبقي كويسه هعملها اكبر فرح ومتنساش المؤخر اللي خليت المأذون يكتبه ؛ مسحور بقي ولا مش مسحور اختك مراتي ومحدش هيسعدها قدي! هز عامر رأسه بالموافقة يرغب لو يرفض ذهابها معه ولكن ذلك العجوز يخبرهم بان ذلك الجن العاشق قد يرتد لها في ثواني وانها بحاجه للابتعاد!
دلف ليجدها تجلس على الارض وتضع رأسها في حجر والده وشقيقته الصغرى تقبل ظهرها وتملس على كتفها ولأول مره يرى الراحة في عيون والده الباكيه لا ينكر ان زواجها واكتسابها لحياه طبيعية كان امر بعيد المنال و لكنه يحدث الان وهو عاجز عن التفسير ولكن منذ متي واصبح هناك ما هو طبيعي فيما يخص المسكينة! مال يقبل رأسها لتقابله ابتسامه واهنه منها، ربما يجب ان يزيل تشاؤمه والتوقع بان مايحدث لها هو للأفضل...
دلف مالك قائلا بخفوت... -الوقت اتأخر ومش لازم نتأخر اكتر من كده! شعر بحزن يتملكه وهو يرى دموعها و عيونها الحمراء و لكن لم يفت عليه الراحة الظاهرة بوضوح على افراد عائلتها البسيطة! وقفت تتجه نحوه بتعب شديد لاتزال مرتديه منامتها لتردف رحمه... -مش هتلبسي طيب، هتنزلي كده؟! ليردف مالك بمرح محاولا تخفيف الاجواء... -يعني انا اللي بقصه! ما جمع الا ما وفق يا رحومه!
ضحكت رحمه وابتسم والدها و اتجهت والدتها تلحفها بشال اسود و تضع حجابها بإحكام لينتبه مالك ان ما حدث كله تم بدون ارتدائها لحجابها امام رجلين غريبين... حسنا خطأ سيحرص على عدم الوقوع به اطلاقا! هبط الجميع يودعهم و حاول الشيخ الصعود معهم إلى السيارة و لكن مالك مال عليه هامسا... -لا كفايه اوي لحد هنا دورك تم و حقك وصل والباقي هبعتهولك بزياده! ليخبره الشيخ بخفوت... -انا عايز الباقي حالا!
-اممم شكلك هتتعبني ؛ ماشي اركب! صعدت دعاء بالأمام و الدجال والمأذون في الخلف... انطلق بالسيارة ليعيد المأذون اولا شاكرا اياه ويتجه نحو احدي ماكينات صرف المال و اوقف السيارة و لكنه اخبر الشيخ بان يتبعه تاركا دعاء الصامتة تراقبهم من بعيد... -اتفضل و مشوفش وشك هنا تاني! ابتسم الدجال قائلا... -مش هتوصلني! -لا اركب تاكسي...
قالها مالك باشمئزاز متجه نحو السيارة وهو يتذكر ما حدث بعدما اخطأ في الرقم ليتصل بهذا مدعي المشيخة وكيف توصل إلى خطته و سهوله رضوخ الشيخ لمساعدته بها مقابل مبلغ من المال! زفر بحنق لابد انه يخدع الكثير و لكنه محظوظ لاستطاعته ان يلعب به في سبيل نجاحه والزواج من تلك الشرسة بعيونها الخلابة!
رمقها فوجدها تنظر له باتهام و غيظ ليبادل نظراتها بأخري لا مباليه وضاحكه و كأنه يلوح بانتصاره في وجهها الاسمر الجميل!
في بيت مالك... اخذت يمني تحوم في الردهة بقلق لأول مره يتأخر اخيها بهذا الشكل ويرفض اخذ هاتفه معه، سمعت صوت الباب لتركض نحوه و تجده يدلف بملابسه البيتية! وبجواره فتاه تلبس منامتها و حجابها!
مالذي يحدث بحق السماء؟! -مالك انت اتأخرت ليه كده و مين دي؟ كان ذلك نفس السؤال الذي يراود دعاء ليجيب مالك باعتياديه رهيبة وهو يتثاءب... -دي دعاء مراتي! -نعم؟! زمت دعاء شفتيها بترقب ليردف مالك بهدوء... -يمني اختي! لكن يمني لم تنتهي و بدأت في البكاء... -انت بتهرج تتجوز ازاي يعني؟ و دي مراتك! وانا يا استاذ مش هسامحك ابدا، ازاي متخدنيش معاك حاجه زي دي!
لا تعلم من اشد جنونا الشقيق المختل الذي تزوجها بمناماتهم البيتية ام شقيقته التي لا تحزن الا على عدم حضورها؟! ابتسم مالك وهو يقلب عينيه ويضم شقيقته... -مش مهم هبقي اعزمك في الفرح! -اوعي كده ؛ انت صدمتني! قالتها وهو يقبل رأسها ليردف سريعا وهو يجذب دعاء... -طيب بكره نكمل حوار لأني هيغمي عليا من التعب وهموت وانام... امسكت يمني بدعاء وسط صدمه الأخيرة قائله.. -لا ونبي! انت واخدها فين ؛ انا ملحقتش اكلمها حتى!
ابتسمت دعاء على وجهها الطفولي الحانق على مالك، ولكن كان لمالك رأي اخر فجذبها ليفلتها من يد يمني قائلا... -بكره يا يمني ياحبيبتي ؛ انا طالع انام! يصعد إلى اين؟ نظرت حولها فانتبهت ان للشقة درج داخلي موصول بشقة علوية... لاحظت ارتماء يمني على الأريكة وهي تفتح التفاز وكأن ما حدث للتو هو اكثر الامور طبيعية! نظرت لظهر مالك بشك تري كم مره اتاها اخاها متزوج لتتصرف الصغيرة بتلك الطريقة؟!
دلف مالك ليغلق الباب خلفهم بأحكام والتفت لها مبتسما بمشاكسه، اتسعت عيناها وهي تستوعب انها صارت وحيده معه مره اخري! -لو... قاطعها بسرعه... -مفيش لو! كان نفسي والله بس انتي تعبتيني اوي ولازم انام بكره نشوف الموضوع ده ياحب الحب! -بطل تقولي كده! -يوووة بقي خلاص ياستي امري لله مكنتش اعرف انك متطلبه كده ؛ بلاش راحه انا ممكن امشي حالي دلوقتي وارتاح بعد مانخلص! نظرت له بعدم فهم قائله... -نخلص ايه؟!
غمز لها قائلا بابتسامه مشاكسه... -هنخلص ايه يعني يا عروسه! قالها وهو يقترب لتردف بسرعه... -انت قليل الادب ؛ اوعي تقربلي! -لا اله الا الله! ماانا قلت ننام معجبش! لتردف بتوتر وخجل... -ننام اه انا تعبانة اوي! ابتسم قائلا بخفوت مغري... -ننام يا حب الحب! ضيقت عيونها الحاده بغيظ منه ولكنه ضحك واتجه إلى المرحاض يغتسل ويغير ملابسه... خرج بعد ان انتهي قائلا... -ادخلي استحمي و غيري لو تحبي! -معنديش هدوم!
قالتها بهدوء ليتنهد و يتجه لخزانته فيخرج سروال قطني و تي شيرت خاص به... -اتفضلي! -مش بلبس هدوم رجاله! قالتها باستنكار ليضحك بشده قائلا... -اولا انا جوزك ؛ ثانيا ده اللي عندي... -ممكن اخد من اختك... وضع يده على ذقنه بتفكير ليردف بثقه... -صح ثواني هجبلك شورت وفن... -لا لا هات دول حلوين... خطفتهم بسرعه واتجهت تغتسل سريعا وتغير ملابسها...
ظلت تطوي السروال من الخصر ليتثبت بها قدر المستطاع ومن القدم حتى صار مناسبا لساقها الصغيرة... خرجت فوجدته مستلقي على الفراش مغمض العينين، اين ستنام هي؟! فهي في هذا الوقت وبعد ما مرت به ترفض التفكير وترغب في النوم بشده، اتجهت لأريكه موازيه للفراش لتتفاجأ بمالك خلفها تمام و يحملها... اطلقت صرخة خفيفة بخضه ولكنه القاها على الفراش واصطنع امساك ظهره بالم... -ضهري انتي 80 كيلو ولا ايه!
و كأي انثي حقيقيه نست انه حملها للتو وارفت بمدافعه... -انا 68 كيلو يا محترم! قالتها بغيظ وهي تتكأ على ذراعها وتتابعه وهو يستلقي بجوارها ويشد الغطاء عليهم... -مش باين انا بروح الجيم ضهري مش بيوجعني غير في اوزان ال 80! قالها وهو يدفعها لتستلقي تماما فاستدارت إلى جانبها تواجهه قائله بوجه احمر من الغضب... -80 عفريت يتنططوا عليك ؛ انا 68 كيلو و زي القمر! اطلقت ضحكه قائلا... -طيب وحدي الله ونامي!
وضعت يدها تحت رأسها متناسيه تماما انها في الفراش معه لتزم شفتيها بحنق قائله بخفوت... - بردو جسمي متناسق جدا و يجنن انت اللي خرع! فتح عيونه مره اخري ليردف بتعجب... -يابنتي نامي ؛ انتي لو قاصده تخليني اقوم اغتصبك مش هتقولي كده ؛ نامي الله يحرقك! -حرقه تحرقك انت! (تتحرقوا انتو الجوز انا اللي هموت وانام خلصوني من ام المشهد ده يا كفره ).
اغمضت عينيها بغضب لتفتحها بعد دقائق بذهول واخيرا يصل لعقلها انها تشاركه الفراش نظرت له فوجدت مغمض العينين ويتنفس بانتظام وكل ملامحه تدل على نومه، تثاءبت وهي تشعر بإرهاق ما مرت به اليوم لتخونها عينيها بالانغلاق قبل ان تفكر حتى بالنهوض والنوم بعيدا!
في الصباح... انكمش مالك على نفسه برعب وقد ايقظته ضربه حاده موجها لمنتصف جسده ليأن بخفوت وهو يتنفس، اللعنة! ما الذي يدور حوله؟! فتح عينيه وقد خرج من نعاسه سريعا يجذب الهواء من انفه ؛ نظر إلى اسفل جسده ليري سروال يحاوط فخديه؟! لما يوجد سروال فارغه عليه؟! رفع انظاره ليجد زوجته تنام كفتي مشاكس انهي مباراته لكرة القدم للتو!
خصلات شعرها البني تغطي وجهها الاسمر المنحوت كقطعه فرعونيه محفوفه بالأوراق البردية... وشفتيها الرفيعة الرقيقة مفتوحه قليلا بإغراء كان كفيل بإيقاظ خلايا جسده كامله! -اللهم اغزيك يا شيطان ؛ متصطبح على الصبح يا جدع انت! هز رأسه بيأس من افكاره السابقة لأوانها وخرج من الفراش للهروب إلى المرحاض، خرج بعد دقائق عازم على ايقاظها لإيجاد حل ووضع النقط على الحروف...
خرجت منه ضحكه سيطر عليها سريعا وهو يرى سرواله التي ترتديه يتدلي من نهاية الفراش وقد اختفت قدماها بداخله... لمعت عيناه بمشاكسه واقترب بهدوء نحوها فامسك طرف السروال بهدوء شديد و بدأ يسحبه بتروي حتى خرج في يده من تحت الغطاء! ارتفعت ابتسامه شيطانيه على وجهه الوسيم قبل ان يخفيه في الخزانة ؛ توجه نحوها لإيقاظها عندما سمع انينها، قضب حاجبيه بتساؤل ليجد ملامحها منكمشة بألم، هل تحلم بشيء مزعج؟!
و ما ان لامس كتفها حتى شهقت و جلست بذعر وهي تبكي بشده! ذهل من دموعها فاقترب يجاورها ويربت على ظهرها و هو يضم رأسها بحنان وقلق إلى صدره! -بسس بسسس اهدي، ده كان حلم مش حقيقي!
وضعت دعاء كلتا يداها على وجهها تبكي بشده في بادئ الامر ظنت انه عامر شقيقها ولكن لمسته و صوته الخافت اعاد ذاكرتها إلى ما حدث بالأمس فهي الان متزوجه و بعيده ؛ بعيده للغاية عن شقيقتها الصغيرة و عائلتها البسيطة التي ستعاني الكثير والكثير بدونها! كانت تتراكم افكارها وتزداد شهقات بكاؤها بشكل اربكه للغاية فظل يضمها حتى صارت تقبع فوق جسده كالطفلة الصغيرة تبكي همومها على صدره...
لا تدري لما استسلمت لهدهدته المنتظمة بالغه الرقة بشكل مناقض لخشونة مظهره الرجولي... زم شفتيه قائلا بنفاذ صبر... -كفايه هزار لحد كده ؛ انا لازم افهم ايه اللي بيحصلك بالظبط ؛ افتحيلي قلبك يا دعاء انا جوزك خلاص وملكيش غيري! هزت رأسه بنفي وابتعدت تمسح دموعها قائله... -انا لازم اروح دلوقتي حالا! -تروحي فين؟! -بيتي! وضع يده على وجهها يجذب انتباها إلى ملامحه الجدية...
-ده بيتك! خلاص الموضوع انتهي الجو القديم و الخزعبلات بقت صفحه قديمة في حياتك انا بس عايز اتأكد من حاجه في دماغي انتي عملتي ليه كده!